
محمد صالح
عندما تعرفت على العميد ممدوح صعب كمسؤول عن مكتب فرع مخابرات الجيش اللبناني في مدينة صيدا ومنطقتها كان وقتها برتبة "مقدّم ".. وكما جرت العادة عندما يحصل اللقاء بين شخصين تخرج بعده بانطباعين لا ثالث لهما.. إما هناك امكانية لتقبله كشخص اولا وكمسؤول ثانيا , وبالتالي بناء علاقة شخصية معه .. او تنصرف وتصرف النظر عن اللقاء به لانه لا يمكن بناء علاقة معه على اي مستوى..
مع ممدوح صعب كان الامر مختلفا تماما.. خرجت بانطباع بان هذا هو الشخص المناسب في هذا المكان وفي هذا الموقع بالذات لادارة مكتب مخابرات الجيش من سرايا صيدا الحكومي حيث تتواجد السلطات الادارية الرسمية والامنية للجنوب ناهيك عن المديرية الاقليمية لقوى الامن الداخلي, اضافة الى كل مكاتب المصالح والادارات الرسمية اللبنانية والتي يقصدها كل الناس والفعاليات والقوى السياسية على صعيد الجنوب اما لتخليص معاملاتهم او من اجل زيارات عادية او اجتماعات مع محافظ الجنوب وغيره ..
على مدى اكثر من عقد من الزمن اثبت ممدوح صعب جدارته خلال ترأسه ادارة هذا المكتب في كافة النواحي وعلى تنوعها وفي كل المهام الامنية التي انيطت به وما اكثرها ..ك"مقدّم" وصولا الى نيله رتبة "عميد"في هذه المؤسسة الوطنية.. كما نجح في بناء علاقة ثقة وود بينه وبين كل من كان يلتقيه ..
في هذه الاسطر القليلة لسنا بوارد تقييم كل مسيرة وسيرة هذا الرجل منذ انتسابه الى المدرسة الحربية في المؤسسة العسكرية.. انما احببنا في موقع "الإتجاه" ان نقدم لمحة مختصرة عن مرحلة عقد من الزمن من حياته العسكرية كتحية له ..
انه ليس "ظابط" في الجيش فحسب , بل رجل مثقف ومحدث لبق ومحاور ممتاز ايضا ..يقرأ ,يطالع , يتابع ويهتم بالتفاصيل السياسية وغير السياسية بشكل دقيق ويلاحق الملفات الاخرى على طريقة التعقب والمتابعة وصولا الى الإيقاع بمن يتابعه متلبسا..
صاحب رأي وموقف .. ويجاهر برأيه وموقفه في المكتب امام مجموعة من زواره .. ويتحدث بنفس الموقف والرأي عندما يكون في جلسة عامة او موسعة وفي مكان مفتوح .
جريء ومقدام , يواجه الامور بصدره مباشرة ,ينزل الى الشارع , يتحرك فورا نحو اي اشكال صغيرا كان ام كبيرا , ياخذ المبادرة دون تردد ..
تمكن العميد ممدوح صعب بشخصه ونبل اخلاقه وتهذيبه الفائق من دخول معظم البيوت في صيدا ومنطقتها وعلى صعيد الجنوب واقام علاقات اجتماعية وعائلية مع الاصدقاء الذين تعرف عليهم وباتوا من المقربين اليه.
بطبعه صلب وعنيد يشبه طبيعة ارض شبعا على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة ..فكان إبن بلدة شبعا .. اسم على مسمى شبعاوي وممدوح وصعب...
قبل العميد صعب كان مكتب مخابرات الجيش اللبناني في سرايا صيدا الحكومي شبه معزول ولا يزوره الا قلة قليلة من الناس وكان شبه منسي ... اما في مرحلة العميد ممدوح صعب فقد تحول مكتب المخابرات في السرايا الى اشبه بالخلية التي لا تهدا وحركة الزوار لا تنقطع واجتماعاته ولقاءاته مع القوى والفعاليات والشخصيات اللبنانية والفصائل الفلسطينية ومع الاصدقاء متواصلة ويومية .. لدرجة ان معظم الذين يفدون الى السرايا يضعون في برنامجهم زيارته كأولوية ..ولو لإلقاء التحية و السلام ..
من اصعب الامور الامنية واخطرها وادقها التي واجهها العميد ممدوح صعب ومعه مؤسسة الجيش اللبناني برمتها خلال هذا العقد من الزمن كانت مرحلة نشوء ظاهرة الشيخ احمد الاسير .. وما رافق هذه الظاهرة في حينه من إلتباسات وتعقيدات وخفايا سياسية وغيرها?? , اضافة الى التعمد في إثارة النعرات مع تهييج الغرائز واطلاق النعوت والاوصاف وغيرها .. والتي طالت العميد صعب شخصيا ؟..
وعندما حان موعد المواجهة الامنية مع ظاهرة الاسير كان للعميد صعب الرأي الحاسم والسديد الذي ابلغه لقيادة الجيش مباشرة دون ادنى تردد .. وكان القرار الجريء الذي انهى ظاهرة الاسير وانتهى الى ما انتهى اليه ..
تحسه قريبا منك ومحببا الى قلبك ولا تستطيع الابتعاد عنه لوقت طويل تشعر بان زيارته واجبة..وهو ايضا يبادلك نفس الشعور والاحساس يسأل عنك ويلاقيك بضحكتة المعهودة إن تاخرت عنه .
لم تتوقف اللقاءات معه فقط في مكتبه في سرايا صيدا بل تحولت الى لقاءات عائلية واجتماعية مع افراد عائلته وكانت في اطار الزيارات المتبادلة ان هنا في دارته في عبرا شرق صيدا او في بلدته شبعا في الجنوب اللبناني .
غدا يغادر العميد ممدوح صعب مكتب المخابرات في صيدا بعد بلوغه السن التقاعد القانوني ,لتنتهي مسيرته في مؤسسة الجيش اللبناني .. راسما طريقا معبدة لمن سيخلفه في هذا الموقع وفي هذا المكتب.. إنما لن يغادر قلوب كل من بادلهم وبادلوه الود والمحبة, وشاركهم وشاركوه نفس المشاعر والاحاسيس ..ليعود الى اناس لم يبتعدوا عنه يوما ولن يبتعدوا .








