محمد صالح
ماذا يعني المواطن في كل ازماته اليومية والضائقة المعيشية والحياتية والاقتصادية التي يرزح تحت دوامتها في الليل والنهار من انخفاض الدولار بهذا الشكل خلال الساعات الماضية .. الا في انعكاس هذا الانخفاض والتراجع لقيمة الدولار على اسعار السلع الغذائية والمواد الاستهلاكية في السوبر ماركات والمحال التجارية ..
المواطن في لبنان خاصة العمال والمياومين وصولا الى الموظفين واصحاب الدخل المحدود وفئات المتقاعدين وجميعهم يشكلون النسبة الاكبر من الشعب اللبناني .. هؤلاء تضرروا حتى "العظم" من صعود الدولار الى عتبة ال 40 الف ليرة للمرة الاولى في تاريخ لبنان .. وهؤلاء لا يعنيهم المستوى الذي وصله في انحداره التراجعي ما بين الامس واليوم الى عتبة ال 27 ألف ليرة .... الا بمقدار تحسين مستوياتهم المعيشية والغذائية وقدرتهم الشرائية .. ومدى تمكنهم من مواجهة الاعباء ومتطلبات العيش اليومية .
في لبنان وحده من دول العالم عندما ترتفع اسعار العملات الصعبة قياسا الى العملة الوطنية .. ينافسها لا بل يسبقها التجار الكبار والصغار واصحاب السوبر ماركت الى رفع اسعار المواد الغذائية بدرجات ونسب مئوية مختلفة بعيدا عن الاعين الرقابية للدولة واجهزتها وبعيدا عن مصلحة حماية المستهلك وكافة المعنيين ..
وبنفس الوقت عندما ينخفض الدولار بالشكل والمستوى الذي وصل اليه حاليا .. تبقى الاسعار في مكانها محافظة على نسبة الارتفاع التصاعدي الذي بلغته دون ادنى تراجع او انخفاض !! .. واجهزة الدولة إن تحركت فتكتفي بإصدار محاضر ضبط او ما شابه .. فمن المسؤول عن هذا الغبن والاستهتار و"الحيف" اللاحق بالمواطن . ومن يتحمل المسؤولية الى جانب اجهزة الدولة؟ .
فهل من جهة ما او جهاز يبادر الى القيام بدور معين في هذا المجال ..وهل توجد امكانية لتشكيل لجان اهلية او شعبية في الاحياء بغطاء من البلديات للقيام بهكذا مهمة.. او هل توجد امكانيات اصلا لدى البلديات واجهزة الشرطة فيها الى تولي مهمة من هذا النوع او هي مؤهله لذلك؟..
اسئلة يقف امامها المواطن عاجزا عن ايجاد اي تفسير منطقي لما وصلت اليه الاسعار خلال الفترة الماضية ..ولا يحصد اي تفسير لبقاء الاسعار على حالها بعد انخفاض الدولار .. سوى عجز الجميع امام رعونة التجار وخاصة تراخي اجهزة الدولة الرقابية..
لم يعد المواطن يملك اي حيلة واية ذريعة او مبرر بعد الانتخابات النيابية وبعد ايصال مرشحيه الى الندوة البرلمانية ... سوى مواصلة "النق" ورفع صوته احتجاجا على واقع الحال وغلاء الاسعار وتضخمها ..
فمن اين له كل هذه القدرة على مواجهة الاعباء الحياتية في ظل الانقطاع المتمادي للتيار للكهربائي على مدى اسبوع بحاله.. ولم تحضر الا لساعة واحدة "كهرباء الدولة" ما بين الامس واليوم فقط.. علما ان فواتير الاشتراكات تنبىء مع نهاية هذا الشهر بمزيد من الارتفاع في ظل غلاء مادة المازوت المستفحل بالرغم من انخفاضه اليوم.. ناهيك عن النفايات التي تملأ الشوارع وتنتشر في كل مكان في عز موسم الصيف وارتفاع درجات الحرارة.
اسئلة عديدة تدور في ذهن المواطن وجميعها سوداوية وتحدثه عن اعباء الحياة وتعاظمها ..فمن اين له كل هذه القدرة على تحمل هذه الصعاب بعد ان ترك لمواجهة قدره بمفرده ..فلا الدواء متوفر في الصيدليات, هذا ان استطاع اليه سبيلا .. وهل له القدرة على تحمل اعباء المستشفيات في حال اضطر لعملية جراحية هو او اي فرد من افراد عائلته بعد ان تخلت وزارة الصحة وكافة الهيئات الاستشفائية الضامنة في الدولة اللبنانية عن واجباتها تجاه هذا المواطن.. وبعد ان افرغت الطبابه بمفهومها الانساني من محتواها وجعلتها سلعة للمقتدرين فقط ؟.
صرخة المفتي
فكيف بإمكان اصحاب الدخل المحدود مواجهة كافة الاعباء اليومية للحياة ولا مجال لتعدادها الان .. وخير معبّر عن المدى الذي بلغه الوضع الاقتصادي والمعيشي والحياتي اليومي في لبنان .. تلك الصرخة او النداء الذي اطلقه مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان وتحدث عن اوضاع الناس في مدينة صيدا من كافة النواحي .
المفتي سوسان تحدث عن "غياب كامل للدولة اللبنانية عن مدينة صيدا وما تعانيه من قضايا بيئية وحياتية ومعيشية يومية" ، وسأل "كيف يعيش الناس في هذه المدينة" ؟!.
اضاف : إذا كانت صيدا تشترك مع الوطن في تحمل المشاكل الحياتية والاقتصادية وتلقي التبعات الكارثية للإرتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار وغياب الرقابة على أسعار السلع ، ولكن صيدا الى كل ذلك ، تنفرد أيضاً بمشاكلها .. نعم ، هناك معاناة حقيقية في صيدا ، معاناة للكبير والصغير ولكل الناس .. الإنسان غير قادر على تأمين لقمة العيش ، والأعمال متوقفة او مشلولة ، وهناك محال توصد أبوابها ، وخدمات أساسية تغيب ، فماذا يفعل المواطن وكيف يعيش؟ . يا لها من حالة سيئة وصلت اليها صيدا هذه الأيام!.
وشدد المفتي سوسان على : ان من حق صيدا على دولتها ان تؤمن للمدينة ما تحتاجه . اننا نناشد ونطلب ونتمنى على كل المسؤولين ان يعطوا المدينة شيئاً من الإهتمام بقضاياها الخدماتية والحياتية وغيرها من الأمور التي تساعد الناس على ان يعيشوا ولو بالحد الأدنى من المقومات في هذه الظروف الصعبة التي لا يستطيع الإنسان أن يستمر بها ..
اننا نطلق هذا النداء لنطالب المعنيين بإيجاد حل ، فهذا وضع لا يمكن ان يستمر ، ولا بد من وقفة تعيد للإنسان في صيدا شيئاً من مقومات القدرة على العيش .
وختم المفتي سوسان نداءه بقوله : "ان كانوا يعلمون ما يجري فتلك مصيبة وان كانوا لا يعلمون فالمصيبة أعظم !".