مع بدء عملية بناء سوق السمك الجديد في محيط مرفأ الصيادين مكان السوق القديم, بات من المفيد فتح النقاش العام على مستوى المدينة حول اعادة النظر في تنظيم منطقة المرفأ التاريخي ومحيطه ، كجزء من عملية تطوير الاماكن والمكونات العامة في المدينة ، تماشياً مع عملية ترميم الواجهة البحرية ودورهما في عملية التنمية.
مرفأ الصيادين وعلاقته بالمدينة
شكل المرفأ تاريخياً بوابة المدينة الاقتصادية والتجارية والسياحية , وعنوان الانفتاح على مدن ساحل المتوسط ، وباستحداث حوض مائي جديد لرسو السفن جنوب المرفأ الحالي , بات من الضروري اعادة النظر بدور مرفأ الصيادين والمنطقة المحيطة به ، اذ اصبح يشكل مركزاً ومنطلقًا لاطلاق اي عملية تطويرية للمدينة, اعتباراً من واقع ان المرفأ كمكان عام يشكل جزأٌ لا يتجزأ من المدينة ومكملا لنسيجها العمراني ووظائفها .
لقد فقد الحيز العام المحازي للمرفأ مضمونه ودوره ، وتشوهت صورته في الذاكرة الجمعية للناس ، حيث بات ممرا لسكان المدينة القديمة في العبور الى الكورنيش الشمالي والجنوبي طلباٌ للنزهة بدل أن يكون مكاناٌ للقاء والتجمع والتمتع بمشاهد المراكب والمرفأ ، وبات ساحة تغزوها التشوهات والتجاوزات وملاذاٌ لتكديس النفايات.
ان المكان المحيط بالمرفأ يختزن الكثير من الطاقة والقدرة على الجذب ، مما يمكنه ان يلعب دور الحيز العام الجامع, واطلاق الكثير من المشاريع والنشاطات التي من شأنها ان تجعل المجال العام التاريخي مكان للتفاعل واللقاء والتجمع الذي يفتقر اليه النسيج العمراني داخل المدينة القديمة.
ان اعادة النظر في تنظيم منطقة مرفأ الصيادين ومحيطه باعتبارها جزأً لا يتجزأ من المكونات والاماكن التاريخية العامة في المدينة عليها أن تنطلق من :
- تأهيل المساحة العامة المحيطة بالمرفأ ( بحر العيد ) وربطها بالمرفأ ومع داخل المدينة.
- تٍرميم وتأهيل الاسواق القديمة المحاذية للمرفأ في سياق خطة تنموية اقتصادية سياحية على الواجهة البحرية.
- اعادة النظر في دور المرفأ كمكان اقتصادي وقطب سياحي جاذب من خلال استثمار السنسول. بالاضافة لدوره الأساسي الذي يؤديه في عملية صيد السمك وبيعه.
- معالجة تداعيات عملية البتْر التي أحدثها مرور البوليفار وفصل المدينة عن المرفأ .
*** تأهيل وترميم الاسواق القديمة
سوق اللحامين، العقادين والحدادين.
نظرًا لضبابية الاطر القانونية التي تحدد وتنظم بشكل واضح وصريح العلاقة بين اصحاب الحقوق من مالكين ومستأجرين قدامى, ونظراً لتوزع الملكية العقارية الى اسهم وحصص صغيرة بين الورثة والتي تعود لاجيال متعاقبة ،يضاف اليها صغر المساحات الموروثة مما يخفّف من اهتمام اصحاب الحقوق بهذا الميراث والتعاطي معه باقل قدر من الاهتمام – هذا الواقع يستدعي من السلطة المحلية المتمثلة بالبلدية ايجاد الاطار القانوني العادل لتنظيم عملية الترميم عبر ايجاد الية ترعى فيها العلاقة بين المالك والمستأجر ، وتحدد فيها انواع الاستثمارات والإشغالات للمحلات مستقبلاً خدمة للخطة التنموية المستدفة.
تجدر الإشارة الى ضرورة تدخّل الادارة المحلية لمعالجة هذه القضية لاهميتها
على المستوى الانمائي ، ولقدرتها على توفير الكثير من فرص العمل ، وافساح ألمجال أمام اعادة احباء المهن الحرفية التقليدية التي اشتهرت بها المدينة ، وخاصة أن هناك جهد كبير يبذل في تطوير وتنظيم مهارات الحرفيين من قبل جمعيات محلية ومنظمات دولية تعنى بتطوير المهارات وبناء القدرات وقد أصبح عددهم بالعشرات ، هذا من جهة.
من جهة ثانية إن عدم تدخل الادارة المحلية لأخذ المبادرة ووضع اطار تنظيمي لعملية الترميم في ظل استحالة عملية ألإستملاك نظرا لتناسل الوارثين سيعرض المنطقة للمزيد من الإهمال والخراب .
أما بخصوص عملية التمويل لزوم الترميم ،فإن هناك بعض الجهات المحلية والدولية التي أبدت استعدادها لتقديم المساعدة المطلوبة شرط اعداد ملف المشروع وجهوزية الدراسة ، وموافقة كافة الأطراف المعنية وفي مقدمثهم البلدية .
ان عملية الترميم واعادة بناء ما تهدم في منطقة الاسواق القديمة ، عليها ان تتخطى منطق اعادة الوضع الى ما كان عليه ، وتتعداه الى البحث عن الدور والوظيفة لهذه الاسواق في عملية التنمية كي تخدم التطور المستقبلي المنشود.
المھندس المعمار
محمد الدندشلي
صورة -1 -مباشرة أعمال بناء سوق السمك الجدید
صورة -2 -البولفار البحري یقطع علاقة المدینة بالمرفأ
صورة -3 -عشوائیة معالجة الحیز العام
صورة -4 -الحیز العام مكان لتجمیع النفایات