كتبت "الجمهورية" التالي : لاحَت في الافق أمس مؤشرات على احتمال حصول خرق في ملف التأليف الحكومي خلال هذا الاسبوع في ضوء دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الى لقاء بينهما اليوم، فيما المؤشرات حيال الاستحقاق الرئاسي تَشي بأنه قد لا ينجز ضمن مهلته الدستورية، ويدلّ الى ذلك المواقف المتصلبة والشروط المتبادلة بين الافرقاء السياسيين حول هذا الاستحقاق الذي قد لا ينجز إلا بتدخل "قوة قاهرة" ما في لحظة سياسية ما، لم تتبلور معالمها بعد، فيما الخارج منشغل عن لبنان بقضايا كبرى باستثناء ملف ترسيم الحدود البحرية الذي ما كان الاهتمام به ليتصاعد لولا مضاعفات الحرب الروسية على اوكرانيا وأزمة الطاقة التي تعيشها اوروبا والغرب عموماً وحاجتهما الى غاز البحر المتوسط ونفطه لتعويض الفاقد الروسي من هاتين المادتين.
المرحلة الاصعب
في غضون ذلك طرح في اوساط مختلفة امس سؤال: هل بدأ المسؤولون يحاكون المرحلة التي تقدم عليها البلاد؟ وقد ارتسَم هذا السؤال في ضوء مؤشرات عدة كان ابرزها امس الجلسة الوزارية التي ترأسها رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، والتي اكتملت عناصرها باستثناء القاعة حيث حرص ميقاتي على ان لا تشبه جلسات الحكومة حالياً، أولاً لجس النبض، وثانيا لعدم استفزاز احد… حتى ان تغيير الاسم من مجلس وزراء الى لقاء تشاوري او اجتماع وزاري لم يمح الادلة على مستوى عرض الملفات واتخاذ القرارات.
عون لميقاتي: اشتقتلك
وفي معلومات "الجمهورية" ان ميقاتي الذي دعا الى هذه الدردشة تَنبّه الى ضرورة ابلاغ رئيس الجمهورية ميشال عون في شأنها، فبادر الى الاتصال به مُعايداً بمناسبة عيد السيدة وابلغ اليه نيته عقد هذا اللقاء، وكانت المفاجأة انه لمس ودا سريعا من رئيس الجمهورية الذي قال له: "اشتقتلك. وشو بيعمل الانسان لما بيشتاق للتاني؟" فأجابه ميقاتي: "يلتقيه". فرد عون: "اذاً يمكنك اعتبار هذا الاشتياق دعوة رسمية لك لزيارة القصر". وتم الاتفاق على اللقاء اليوم.
وتوقفت مصادر وزارية عند هذا التطور وقالت لـ"الجمهورية": "كلمة "اشتقتلك" هي كلمة السر التي ستجرّ معها جملة تطورات تتكشّف في الايام المقبلة". لكن هذه المصادر أبدت حذرها من طمس هذا الشوق عبر قطع الطريق عليه، وهذا ما برز من خلال البيان الذي صدر عن تكتل "لبنان القوي" وهاجَم ميقاتي مجددا.
لقاء
وعن الجلسة الوزارية في السرايا الحكومية امس قالت المصادر: "كأنها اول جلسة لمجلس الوزراء بعد الانتخابات النيابية"، وأكدت ان "كل الملفات التي طرحت تم اتخاذ قرارات في شأنها وهي قرارات للتنفيذ". وسألت المصادر: ماذا يعني مجلس وزراء؟ هو اجتماع يلتئم فيه كل الوزراء برئاسة رئيس الحكومة في السرايا يطرحون مواضيع مهمة تتخذ قرارات في شأنها وتوجهات للتنفيذ وكل هذه العناصر موجودة ما يجعل منها جلسة كاملة الاوصاف والنصاب باستثناء القاعة التي استبدلت فقط". واوضحت هذه المصادر انّ خمس نقاط جرى التركيز عليها:
ـ أولاً: في موضوع النازحين حيث تقرر ان تجتمع اللجنة الوزاررية المعنية بالملف في أقرب وقت والمرجّح غداً لاستكمال النقاش على أن تكون مرجعية الملف لدى وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار.
- ثانياً: في ملف الكهرباء اذ تقرر مجدداً ان تترافَق زيادة التعرفة مع تحسين التغذية وانتظام الخدمة بالتيار ولا زيادة خارج هذا الاتفاق.
- ثالثاً: الدولار الجمركي حيث عرض وزير المال للسيناريوهات الثلاثة لرفعه على سعر ١٢ الف ليرة و١٤ الفا و٢٠ الفا، مؤكدا ان السعر الاخير بحسب التقديرات هو الذي من شأنه ان يغطّي تصحيح الاجور التي ستُضرب بثلاثة، ويغطي الحاجات الاساسية. وبما ان رئيس الجمهورية رفض توقيع المرسوم على سعر صيرفة تقرر ان تعتمد آلية يحددها وزير المال مع حاكم مصرف لبنان لاعتماد سعر ٢٠ الف ليرة مؤقتاً، على ان يتغير سعر الدولار الجمركي بحسب تصاعد قيمة الدولار.
- رابعاً: في هبة الفيول الايراني. وعلمت "الجمهورية" ان موقف ميقاتي كان لافتا في موضوع الهبة الايرانية فقد بَدا متحمسا لها، واكد انه ينتظر تحديد المواصفات ليبني على الشيء مقتضاه، وابلغ الى الوزراء انه استدعى السفير الايراني للاستفسار واكد له ان لبنان يحتاج هذه الهبة، لكنه يلتزم المواصفات التي اخذها السفير الايراني ليطابقها معها. كذلك اكد ميقاتي انه سيرسل وفدا الى طهران لمتابعة الامر فور تبلّغه بتطابق المواصفات.
- خامساً: في ملف ترسيم الحدود البحرية، حيث سُئل ميقاتي اين اصبح هذا الملف وما هي مستجداته؟ فأجاب انه سمع من نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب ان هوكشتاين اكد له التزامه الجواب الايجابي، فسُئل: وهوكشتاين ماذا قال؟ فصمت ميقاتي لثوان وقال: "هوكشتاين بَعدو ما قال شي". وفهم الحاضرون ان بديل الجواب الايجابي المنتظر خطير جداً ومفتوح على شتى الاحتمالات بما فيها الحرب.
وفي ملف النازحين علمت "الجمهورية" ان سجالا حادا حصل بين وزير الشوون الاجتماعية هيكتور حجار ووزير المهجرين عصام شرف الدين على خلفية زيارة الاخير لدمشق الاثنين الفائت.
دعم بريطاني
من جهة ثانية اكد السفير البريطاني هايمش كاول، إثر زيارته ميقاتي امس، "التزام استمرار المملكة المتحدة دعم الجيش اللبناني والمجتمعات الأكثر ضعفاً في لبنان". ولفت إلى أن "المملكة المتحدة تريد ان ترى الاستقرار والازدهار والأمن في لبنان". وقال: "لهذا السبب حَضّيتُ السلطات على إجراء إصلاحات عاجلة من أجل تأمين صفقة مع صندوق النقد الدولي، وهذا ضروري لوضع لبنان على طريق مسار التعافي، لاستعادة ثقة رجال الأعمال والمستثمرين ولمعالجة الصعوبات العديدة والجديّة التي يواجهها الشعب اللبناني". وختم مؤكداً أن "المملكة المتحدة سوف تدعم لبنان في هذا المجال".