محمد صالح
الاهتراء والتآكل في الادرات الرسمية العائدة للجمهورية اللبنانية يتوسع ويتمادى , فيوما بعد يوم تترهل ادارات الدولة الرسمية وتذوب معالمها بسرعة فائقة لدرجة ان انهيارها نحو السقوط يسابق سرعة الريح .. فبعد غياب الموظفين وتراجع ايام العمل الاسبوعية الى يوم وفي افضل الحالات الى يومين في الاسبوع .. تدحرج الامر نحو تواجد الموظفين لساعات وليس اكثر في الاسبوع ..
على سبيل المثال وكنموذج لهذا التآكل في الادارات الرسمية اللبنانية الحال التي وصلت اليها سراي صيدا الحكومي والتي بدأ التدحرج فيها نحو الاسوا تدريجيا بحيث انعدم اولا وجود القرطاسية من اوراق واقلام حبر "ناشف" في مكاتب الدوائر والمصالح والادارات وصولا الى فقدان "محابر" اجهزة الطباعة على انواعها وصولا الى ندرة اوراق اخراجات القيد والطوابع الاميرية وسائر اوراق "الطابو" ...
وهكذا تطّبع المواطن في صيدا والجنوب على هذه الحال لدرجة ان مولودا لبنانيا جديدا يبصر النور بات يتطلب من اي مختار في اية منطقة اكثر من مشوار واتصال ومتابعات ومفاوضات لا تخلو من لف ودوران كي يحصل له والده على اخراج قيد يثبت انه لبناني ..وإلا يبقى مكتوم القيد ؟ ..
حتى خط خدمات الكهرباء قد انقطع عن مرفق السراي الحكومي في صيدا وهو مرفق عام ..علما ان خط الخدمات قد انشيء خصيصا لتامين الكهرباء لخدمة المرافق العامة الحيوية تحديدا كمحطات ضح المياه والمستشفى الحكومي والسراي .. ..وباتت الكهرباء حكرا على المولدات في هذه الادارة او تلك ربطا بميزانيتها او من خلال اشتراكات تؤمنه بنفسها .. او وفقا لما يجود به اصحاب الايادي البيضاء وبعض الميسورين والخيرين من مادة المازوت لانارة هذه الادارة او تلك ...
ولا تعجّب ابدا من هذا التوصيف لواقع الحال الذي وصلت اليه سراي صيدا الحكومي بمعظم اداراتها.. علما ان هناك بعض الادارات والمصالح تستثنى من هذا التوصيف وما زالت تؤمن العمل ولو بالقدر اليسير ووفق المستطاع .. الا ان واقع الحال المهيمن ينطبق على الاغلب الاعم من الادارات .
هل تقفل السر اي؟
اليوم كشف محافظ الجنوب منصور ضو بنفسه ومن تلقاء نفسه وخلال لقاء على "فنجان قهوة" مع الاعلاميين في صيدا ومنطقتها في مكتبه ما هو اسوأ من الواقع المهيمن ومن التوصيف الآنف الذكر .. وما اعلنه وكشفه سيتردد صداه ليس فقط في اروقة السرايا الحكومي ولا في الادارات بل خارجها لانه ينعكس سلبا وبشكل خطير جدا على مصالح المواطنين في محافظة الجنوب .
ضو استهل كلامه طالبا من الاعلاميين ان لا يتفاجأوا في القريب العاجل اذا تم تعليق اوراق على مداخل السرايا الحكومي في صيدا كتب عليها "نعتذر عن استقبال المواطنين" اما بسبب نفاد كميات المازوت او لاسباب اخرى متعددة.. وهي كثيرة ولا تحصى .. علما ان الكمية المتوفره من هذه المادة باتت ضئيلة للغاية وتقترب من النفاد ... الا انه اشار الى انه حتى لو حضر الى مكتبه ولم تغلق السراي وحضر الموظفون .. انما ليس بوسعنا انجاز معاملات المواطنين لاكثر من سبب وسبب وجميعها معلومة .
وما لفت انتباه الاعلاميين قول المحافظ ضو بان احدا من المسؤولين المركزيين لا يستفسر منه عن اوضاع السراي وعن صيرورة عمل الادارات وغير ذلك وكأن هذه الادارات متروكة لمواجهة قدرها وصولا الى ما نعانيه ونحذر منه من انهيار.
وتحدث ضو عما انجزه شخصيا في بداية مشواره قبل اقل من عقد زمني عندما تم تعيينه بمنصب محافظ الجنوب واهمها المكننة الادارية وغيرها بمساعدة جملة من الاصدقاء ..لكننا وصلنا اليوم الى هذه الحال من الشلل معددا جملة من الاسباب التي ادت الى هذا الانهيار العام من بينها الروتين الاداري بالنسبة للادارة العامة لدرجة انه لم يعد بإمكاننا تنظيف مكاتب السراي ومبنى المحافظة بشكل عام وتامين عمال نظافة , فهل يعقل ان نصل الى هذا الوضع؟ .. علما ان بلدية صيدا كانت في السابق تساعدنا في هذا الامر انما حاليا فإن الوضع قد تغير .
هذه هي الخلاصة التي استنتجها اليوم الاعلاميون الذين شاركوا في اللقاء وسمعوها مباشرة من المسؤول الاداري الرسمي الاول في الجنوب .. كلها تزيد في تعقيد الوضع على المواطنين وتصعّب عليهم الامور الخدماتية.. فهل ينبري من يبادر الى مد يد الانقاذ قبل ان نجد مبنى سراي صيدا الحكومي كناية عن مداخل وجدران ومكاتب خاوية .انها صرخة لا بد ان يتردد صداها في الخارج وتصل الى من ينبغي ان تصل اليه ؟.