محمد صالح
تسود تساؤلات مريرة في مدينة صيدا عن جدوى الاستنفارات ورفع الدشم والمتاريس في مخيم عين الحلوة , ولمصلحة من يحصل كل ذلك؟. ويقارب اهالي المدينة هذه المسألة من خلال مقارنتهم بين ما يحصل في فلسطين المحتلة حيث يقدم الشهداء نموذجا حيا" من اجل تحرير فلسطين من العدو الاسرائيلي , وبين ما يحصل في مخيم عين الحلوة من اشتباكات جانبية بين الاخوة ..
مؤكدين انه من غير المقبول ما يحصل في مخيم اللاجئين الفلسطينيين في عين الحلوة هذه الايام وخاصة رفع دشم وسواتر بين الاحياء وفي الازقة الضيقة وفي الطرقات الرئيسية , كل ذلك في هذه البقعة التي تقدر مساحتها الجغرافية بكيلو متر مربع واحد , ويقيم فيها ما يقرب من مئة الف نسمة غالبيتهم من الفلسطينيين ونسبة قليلة من النازحين السوريين وغيرهم ..علما ان مخيم عين الحلوة يشكل جزءا لا يتجزا من مدينة صيدا ومنطقتها وخاصة تعمير عين الحلوة .
ومع ذلك فإن هذا المخيم يشهد من وقت لآخر اشتباكات عنيفة بين فصائله المتعددة , المتنوعة المشارب والاهواء بدء" من "فتح" و"حماس" و"الجهاد" وصولا الى "عصبة الانصار" وكل الاسلاميين من سلفيين ومتشددين وخلافهم ..
واللافت ان هذه الاشتباكات الداخلية بين بعض الفصائل وجميعها ترفع شعار تحرير فلسطين من العدو الاسرائيلي.. ترتبط ارتباطا جذريا وعقائديا وعضويا وبشكل حيوي مع الفصائل في فلسطين المحتلة لا بل معظمها يشكل امتدادا طبيعيا بين الداخل الفلسطيني والشتات في مخيمات لبنان تحديدا .
لكن الادهى ان اشتباكات مخيم عين الحلوة الداخلية وسقوط الضحايا بهذا الشكل تزامنت وترافقت مع ما يرتكبه وارتكبه العدو الاسرائيلي بمخيم جنين في الضفة الغربية وقبله في "الحوارة" وغيرها وغيرها من المدن والقرى والمخيمات في فلسطين المحتلة من مجازر بشكل يومي حيث يسقط الشهداء هناك دفاعا عن تحرير فلسطين من هذا العدو ودفاعا عن الارض وصونا للعرض ..
علما انه من المفترض ومن الواجب ان لا تحصل اي اشتباكات مهما كانت الاسباب هنا في مخيمات الشتات في لبنان وان لا تؤدي الى سقوط ضحايا او اية اضرار مادية ؟..
.. ولكن منذ اسبوع الى اليوم يشهد مخيم عين الحلوة في صيدا - واسمه في الذاكرة الفلسطينية "عاصمة الشتات الفلسطيني" في لبنان - حركة استنفارات عسكرية غير مسبوقة بين "حركة فتح" من جهة و"عصبة الانصار" ومعها فصائل الاسلاميين السلفيين المتشددين من جهة ثانية على خلفية اشتباكات كانت قد حصلت وادت الى سقوط قتيل ينتمي الى فتح واتهم بمقتله احد عناصر "عصبة الانصار" ويومها اقفلت المدارس في المخيم وفي صيدا وخلت الطرقات والازقة من المارة ولجأ الاهالي الى بيوتهم, وكذلك الامر في المدينة وخاصة تعمير عين الحلوة والاحياء المجاورة للمخيم وفي بلدات المية ومية ودرب السيم وزغدرايا وغيرها من القرى القريبة,. وتم الاتفاق بعد عدة ايام على تسليم الجاني الى القضاء اللبناني الامر الذي لم يحصل مطلقا ..
اليوم تحدثت كل المعلومات والمعطيات الواردة من مخيم عين الحلوة عن استنفارات غير مسبوقة بين اطراف النزاع , واستقدام مقاتلين من خارج المخيم وتحشيد عسكري من هنا وهناك ورفع متاريس وقطع طرقات المخيم بالدشم على خلفية الاصرار على تسليم الجاني الى القضاء اللبناني ..
ما حصل اليوم في مخيم عين الحلوة بالاضافة الى الصور التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي عن حركة الاستنفارات والدشم والمتاريس , قد انعكس توترا ملحوظا بين اهالي مدينة صيدا وخاصة سكان التعمير والاحياء المجاورة للمخيم .. فخلت الطرقات من المارة واقفلت المدارس والجامعات ,وخفّت حركة مرور السيارات في الشوارع القريبة من المخيم خاصة طريق "الحسبة" من صيدا ال الجنوب وبالعكس خشية اندلاع الاشتباكات في اية لحظة ..
اما في المخيم فخلقت هذه الحاله العسكرية ارباكا اضافيا بين السكان وشهدت بعض الاحياء حركة نزوح بإتجاه المدينة, علما ان مدارس المخيم مقفلة منذ عدة ايام .
واليوم بدات الاصوات ترتفع في صيدا , وهناك اتصالات بين مرجعيات المدينة وفعالياتها من جهة لفعل اي شيء لوقف هذا التصعيد ولجمه , كما اجرت مرجعيات المدينة الاتصالات مع مسؤولي الفصائل لاحتواء الامر وعدم اندلاع مواجهات مسلحة في المخيم .. فهل هناك من يستجيب الى لغة العقل من الفصائل ووضع حد لكل ما يجري؟ ..