
انتهى العمل العسكري فجر أمس الجمعة مع قصف إسرائيلي طال البساتين التي انطلقت منها صواريخ الخميس من جنوب لبنان، وقصف آخر طال مواقع تابعة لـ"حماس" في غزّة، وبدأ العمل الدبلوماسي في محاولة للملمة ذيول التصعيد وإبقائه بحدود ما حصل، وبذلك تكون صفحة الهجوم قد طُويت، خصوصاً وأن إسرائيل أرسلت إشارات واضحة لجهة عدم رغبتها في نشوب حرب جديدة، أكان مع "حماس" أم مع "حزب الله".
واشارت جريدة "الأنباء" الإلكترونيّة الى ان الأنظار ستكون شاخصة على ما بعد الهجوم، خصوصاً وأنّه يؤشّر إلى شكل جديد من المواجهة تكرّر في السنوات الأخيرة، ومن المحتمل أن يتكرّر في المرحلة المقبلة، التي توحي أنها ستكون متوترة بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة، وإيران والمجموعات المدعومة منها من جهة أخرى، وذلك كردّة فعل على التقارب السعودي الإيراني.
وفي سياق الحرص على الوحدة اللبنانية، لم تخلُ المواقف الرسمية التي أطلقت من الرفض لاستخدام لبنان كأداة للتهديد، واستثمار أرضه كمنصّة صواريخ، لأن اقحامه المستمر في صراع الأمم لا ينتج عنه سوى الدمار، وهو بالتأكيد لا يحتمل تجربة مشابهة اليوم في ظل الظروف الصعبة التي يمرّ بها.
ولفتت مصادر سياسية إلى أن "طرفي المواجهة بالأمس لم يريدا الحرب، لكن هذا الواقع ليس ثابتاً، وقد يتبدّل، كما أن أخطاءً غير محسوبة قد تحصل أثناء مناورات مشابهة، فتنزلق المنطقة إلى حرب لا تُحمد عقباها، خصوصاً وأنها على شفير توتر كبير بين الولايات المتحدة وإيران".
وشدّدت المصادر عبر "الأنباء" على "عدم تحويل لبنان إلى منصّة صواريخ، خصوصاً وأن هذه المواجهات لا تخدم تطلع لبنان لاستخراج الغاز، والذي يستوجب حداً أدنى من الاستقرار الأمني".
ونفت مصادر عسكرية أن تكون قواعد الاشتباك قد تبدّلت بين "حزب الله" وإسرائيل، لأن الحزب لم يكن هو منفّذ الهجوم، ونتائجه لم تكن دموية، وبالتالي كان الدوران في حلقة الاشتباك العسكري نفسه منذ أعوام، والذي يحصل بين الحين والآخر".
واشارت المصادر عبر جريدة "الأنباء" الإلكترونية، إلى "نقطة مهمة، وهي نوعية الصواريخ التي تم إطلاقها، "كاتيوشا" و"غراد"، وهي صواريخ ليست متطوّرة، تستخدمها الفصائل الفلسطينية، وليس "حزب الله" صاحب الصواريخ الدقيقة، ودمارها محدود، ما يُشير إلى أن ما حصل لم يكن هدفه إحداث الأضرار البشرية والمادية، بل خدمة رسائل سياسية".
وتطرّقت إلى ما قد يحصل في المدى القريب، فلفتت إلى أنّه "مرتبط بالوضع الإقليمي وحرب الظل الدائرة بين إسرائيل وإيران، وفي حال خرجت هذه الحرب عن الحدود المرسومة لها، فإن قواعد الاشتباك قد تتغيّر في لبنان، إلّا أن ذلك يحتاج إلى حدث ضخم".
لكن بغض النظر عن الرسائل السياسية التي وصلت من خلال هجوم الخميس، والمستفيد منها والخاسر، فإن الثابت أن لبنان الضحية الوحيدة لهذا التجاذب الحاصل عبر أراضيه، وفي ظل الأزمات المتعاقبة، فإنه يبقى من الأفضل أن يلتفت المعنيون الى الملفات الداخلية العالقة، بدءاً من رأس الاستحقاقات، انتخابات رئاسة الجمهورية.