محمد صالح
حاليا يسيطر الهدوء الحذر على جبهات ومحاور القتال في مخيم عين الحلوة .. ولكن هل بالامكان القول ان هذا الهدوء نهائي ام ما هو الا استراحة مقاتلين استعدادا لجولات مقبلة من الحرب المفتوحة بين "حركة فتح" من جهة و "الاسلاميين السلفيين" من جهة ثانية, في عاصمة الشتات الفلسطيني مخيم عين الحلوة , الشاهد على نكبة عام 1948 .
يجمع "المراقبون" على ان ما شهده مخيم عين الحلوة خلال الايام القليلة الماضية ما هو الا جولة من الاقتتال العنيف التي تدور بين مشروعين يتجسدان ب"حركة فتح" وامتداداتها المحلية والاقليمية وكسلطة فلسطينية من جهة و"الاسلاميين السلفيين" وما يمثلون من مشروع اقصائي في هذه المنطقة والاقليم من جهة ثانية .
ويعرب "المراقبون" عن خشيتهم من ان يكون هذا الهدوء الحذر ما هو الا استراحة محارب بين جولات قتال مقبلة , سيعمل خلالها الطرفان على استعادة التذخير وجلب مقاتلين اضافيين وبناء الدشم والمتاريس من جديد واخذ نفس وشراء الوقت تمهيدا للاتي من معارك ؟.
ويشدد "المراقبون" على ان الهدوء الكامل والتام لا يتحقق الا بانتصار مشروع على آخر وهذا مستحيل التحقق , ففي كل ايام الاقتتال الماضية بقي وضع المحاور على حاله ولم يسجل اي تقدم لطرف على حساب الاخر .. وحتى لو حصل تقدم او تغيير على الارض فهو طفيف ولا يذكر .. وبنفس الوقت هناك شبه استحالة في تعايش المشروعين مع بعضهما البعض فوق بقعة من الارض تعادل مساحتها كيلو مترا مربعا تقريبا !.
لذا فان رمزية هذا المخيم وما يمثل من قرار دولي لحق العودة الى فلسطين هي المهددة بشكل فعلي , واي تغيير في الجغرافيا السياسية لعين الحلوة يعني شطب حق العودة نهائيا , وبالتالي يصبح التعامل معه بطريقة مختلفة للغاية ليس فقط في عين الحلوة انما من قبل الدولة اللبنانية برمتها .
ويلفت المراقبون الى ان حجم الدمار الذي شهده المخيم في هذه الجولة وفتح محاور اقتتال في شمالي المخيم وجنوبه ووسطه دفعة واحدة الا دليلا على نمطية متبعة في هذه المعركة ,, نمطية التدمير ! . ولا يخدم الا الاهداف البعيدة المرسومة لمخيم عين الحلوة !!
وتبقى مدينة صيدا هي الخاسر الاكيد والمتضرر الاول من كل ما يجري حولها في مخيم عين الحلوة بما تمثل وتجسد من عاصمة للجنوب ومدينة حيوية في كل محيطها السكاني وامتداداتها جنوبا وشرقا وشمالا , الخاسر بمعيشة اهلها وسكانها والوافدين اليها , والمتضررة باقتصادها وتجارتها ومؤسساتها الصحية والتربوية ومدارسها وغير ذلك .. وتم تدفيع هذه المدينة ثمن حرب لا دخل لها فيها بالمطلق .
الوضع الميداني
الى ذلك لا يزال الهدوء الحذر يخيم على مخيم عين الحلوة لا سيما محاور القتال تخرقه من وقت لاخر رشقات رشاشة مصحوبة بقذائف صاروخية خاصة في محور حي حطين الذي شهد نهار أمس أعنف المعارك .
ويأتي هذا الهدوء تطبيقا لما تم التوصل اليه من وقف لاطلاق النار في الاجتماع الذي عقد بين مدير عام الأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري وهيئة العمل الفلسطيني المشترك في لبنان، بحضور رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني الدكتور باسل الحسن.
وسجل حتى الساعة التزام كافة الاطراف الفلسطينية باتفاق وقف اطلاق النار , حيث تجري معالجة اي خرق يحصل من قبل هيئة العمل الفلسطيني المشترك فورا .. لكن في المحصلة الجو العام المسيطر على المخيم هو الهدوء الحذر .
مصدر فلسطيني في عين الحلوة خفف من موضوع الخروقات وعزاها الى تفلت بعض العناصر الغير منضبطة , مشددا بنفس الوقت على ان الهدوء الحذر الذي يعيشه المخيم الان امر مهم جدا بعد المعارك الطاحنة خلال الايام الماضية والاقتتال الدام والعنيف الذي استمر لخمسة ايام متواصلة.. والساعات القادمة كفيلة بتثبيت وقف اطلاق النار اكثر فاكثر.
في المقابل مازال الفلسطينيون النازحين يتوقون للعودة الى منازلهم في المخيم .. ولكن مشاهد الدمار والخراب التي حلت بها وبالمناطق التي يقطنون فيها جراء الاشتباكات العنيفه تمنع عودتهم وتحول دون ذلك .
بالاضافة الى ان مدارس الانروا في المخيم ما زالت محتلة من المسلحين وهناك حوالي 6000 تلميذ سيبقون خارج اي مدرسة ودون تعليم , وهذا الامر بحاجة لمعالجة جدية ويعطي اشارات سلبية الى احتمال تجدد الاشتباكات في اية لحظة ... علما ان محاور القتال على مدى خمسة ايام متتالية كانت المدارس فيها عبارة عن دشم ومتاريس للمتقاتلين وخير شاهد على ذلك "الفيديو" المسرب لمقاتلين من داخل احدى المدارس وهم يطلقون قذيفه صاروخية مصحوبة برشقات رشاشة ثقيلة وهم يقفون على مقعد دراسي ؟..
وكان الظلام الدامس قد خيم ليلا على مخيم عين الحلوة نتيجة انقطاع اسلاك الكهرباء وتضرر شبكة المولدات بشكل كبير ..
في المحصلة فان اجواء وقف اطلاق النار والهدوء الحذر انسحب على مدينة صيدا وطرقاتها التي بدأ يعود السير اليها تدريجيا وشيئا فشيئا , كما فتحت بعض المحال ابوابها كما فُتح الاتوستراد الشرقي الذي يربط المدينة بالجنوب امام السيارات بالاتجاهين.
وكان مخيم عين الحلوة قد شهد أمس اعنف المعارك بين "فتح" و"تجمع الشباب المسلم" أدت الى سقوط قتيلين وأكثر من 12 جريحا ليرتفع العدد منذ بدء الاشتباكات يوم الخميس الماضي الى 7 قتلى ونحو 100 جريح .