كتبت "الاخبار" التالي : التدقيق في مستوى الارتقاء الذي سجّلته عمليات المقاومة في اليومين الماضيين، في العمق والأسلحة المُستخدمة والنتائج، يشير إلى حقيقة واضحة، وهي أن حزب الله ماضٍ في اندفاعه صعوداً، وأن اسرائيل ستشهد عمليات وضربات أبعد مدى مما شهدته حتى الآن، وأننا مقبلون على مستوى من الردود أعلى مما شهدناه حتى الآن. ويعزّز ذلك أن العدوّين الإسرائيلي والأميركي لا يزالان يصرّان على سقوف عالية على المستوى السياسي لتعويض إسرائيل ما لم تنجح في تحقيقه عندما وجّهت ضربات قاسية إلى الحزب، ظناً منها بأنها ستؤدي إلى انهياره وإخضاعه. وعندما فشلت في ذلك، ومع استعادة المقاومة عافيتها، يحاول الأميركي أن يستكمل ما لم ينجح العدو في تحقيقه بصياغة شروط استسلام على المستوى السياسي بغضّ النظر عن الوقائع.
ومن المهم التذكير في هذا السياق أن القرار 1701 عام 2006 لم يكن انعكاساً لموازين القوى التي كانت لمصلحة المقاومة، بل كان انعكاساً لموازين القوى في مجلس الأمن، إلا أن أداء المقاومة وحلفائها نجح في تقييد سلبياته. لذلك، يحاول العدوان الإسرائيلي والأميركي اليوم إدخال تعديلات في القرار عبر فرض آليات تنفيذ توفّر الأمن لإسرائيل وتضيّق على المقاومة وتضعف قدرة حزب الله على الدفاع والردع والرد، فضلاً عن تداعياتها السياسية التي يمكن أن تهزّ الاستقرار في لبنان. لذلك، فإن الطريق الوحيد على ما يبدو لتبديد هذه الأوهام هو أن يلمس العدو أولاً أن قدرات حزب الله لم تتراجع بشكل جوهري، وثانياً أن يدرك العدو أن إصراره على مثل هذه السقوف سيحوّل وسط إسرائيل وتل أبيب الكبرى إلى ساحة استهداف شبه يومي. عندها ستصبح واشنطن وتل أبيب أكثر واقعية في قراءة الوقائع والتسليم بها وإن متأخّرة. باختصار، نحن مقبلون على منسوب من التصعيد ما لم يسبق أن واجهته إسرائيل في تاريخها.
قبل أن يصحو كيان العدو أمس من صدمة الضربة التي استهدفت قاعدة لواء «غولاني» جنوب حيفا ليل أول من أمس، وأدّت إلى مقتل وجرح العشرات من جنوده، أدخلت المقاومة أمس مليوني إسرائيلي في نحو 200 مدينة وبلدة ومستوطنة إلى الملاجئ بعدما دوّت صفارات الإنذار في كل مدن الشمال وصولاً إلى تل أبيب بعد إطلاق صواريخ باليستية من لبنان. فيما أفادت وسائل إعلام إسرائيلية عن وقف حركة الملاحة في مطار بن غوريون. وأكدت غرفة عمليات المقاومة الإسلامية أن “القوة الصاروخية والقوة الجوية في المقاومة الإسلامية، ستواصلان استهداف قواعد عسكرية ومستوطنات في عمق شمال فلسطين المحتلة، بتدرج يتصاعد يوماً بعد يوم”، في وقت نشر الإعلام الحربي في حزب الله مقطع فيديو تحت عنوان «قدراتنا بألف خير» ظهرت فيه صواريخ ومُسيّرات وأسلحة في منشأة تحت الأرض.
وبحسب إعلام العدو، فإن مشهد يوم أمس يشير إلى أن حزب الله «تعافى من الصدمات واستعاد زمام المبادرة إلى حد كبير، وبات يفرض وقائع. وبذلك، تكون عملية المباغتة الإسرائيلية، وتوجيه الضربات المتتالية، لإفقاد حزب الله توازنه قد تبخّرت». وكتب معلّقون: «إننا أمام وقائع جديدة ستبدأ بفرض نفسها ميدانياً، وبالتالي سياسياً. فمن سيأتي ليفاوض لبنان، ملزم بالانطلاق من قوة حزب الله وتماسكه، لا من انهياره كما تمّ التعاطي مع ذلك قبل 5 أيام».
ورغم إطلاق بنيامين نتنياهو أمس تهديدات باستهداف حزب الله «من دون رحمة في كل لبنان بما في ذلك في بيروت»، إلا أنه بدا أن هناك أصواتاً بدأت ترتفع بعد الاستفاقة من نشوة انتصار وهمية ومستعجَلة، فبدأت الدعوات لـ»التواضع» أمام حزب الله، إذ إنه «بعد عام من الحرب في الجنوب والشمال، لا يزال افتقار الجيش الإسرائيلي للاستعداد لمواجهة تهديد الطائرات بدون طيار من دون إجابة»، بحسب موقع «والاه»، فيما يسود «القلق في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من أن حزب الله سيرسل المزيد من المُسيّرات على ارتفاعات منخفضة وأثناء إطلاق الصواريخ على إسرائيل»، بحسب قناة 12 العبرية.
وفي هذا السياق، كتب نير كيبينيس في موقع «والاه» العبري: «قيل لنا إن حزب الله مهزوم ومكسور، لكنه أثبت الليلة الماضية (الأحد) أنه قادر على أن يكون فتّاكاً». وأضاف: «صحيح أن تسلسل قيادة حزب الله تضرر بشدة، وصحيح أنه فقد بعض وسائله الحربية، لكنه ها هو يتعافى ويقاوم». وتحدّث عن «حقيقة غير سارّة وهي أنه منذ هجوم أجهزة النداء وسلسلة الأحداث التي تبعته، فإن الشيء الرئيسي الذي تغيّر على الأرض هو أن دائرة النار التي شملت المستوطنات الشمالية، توسّعت إلى منطقة حيفا الكبرى وحتى جنوبها». ومع تحويل حزب الله حيفا إلى كريات شمونة ثانية، علّقت وسائل إعلام عبرية بالقول إن «الشوارع مهجورة في حيفا والسكان يشعرون بالخوف جراء إطلاق الصواريخ من قبل حزب الله».
وكانت المقاومة بدأت عمليات متواصلة منذ الدقائق الأولى من فجر أمس، استهدفت تجمعات لقوات العدو في مواقع رويسات العلم، مسكفعام، المرج، الرادار، مستعمرات المنارة، راموت نفتالي، تسفعون، مرغليوت، ثكنة زرعيت، مزرعة برختا في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، خلة وردة، شرق بلدة مركبا واللبونة. كما استهدفت قوة مشاة معادية تسلّلت إلى الأراضي اللبنانية من جهة بلدة مركبا وتحركات لقوات العدو في منطقة اللبونة وجنوب مارون الرأس، وقوة أخرى كانت تتقدم نحو بلدة عيتا، التي استهدفت فيها أيضاً ناقلة جند معادية بصاروخ موجه أثناء الاشتباكات، ما أدى إلى احتراقها وقتل وجرح مَن فيها. واستهدفت المقاومة ثكنة زبدين في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، وثكنة بيت ليد شرق نتانيا، ومستعمرتي كرمئيل وكريات شمونة ومدينة صفد المحتلة، وأطلقت صلية صاروخية نوعية على قاعدة «ستيلا ماريس» البحرية شمال غرب حيفا. وأثناء تقدم ثلاث دبابات ميركافا للعدو إلى أطراف بلدة عيتا الشعب، قصفها المقاومون بالصواريخ الموجّهة، وأوقعوا أفرادها بين قتيلٍ وجريح.
وواصل العدو اعتداءاته المتنقلة بين المناطق اللبنانية، فارتكب مجزرة أدّت إلى استشهاد 21 مدنياً وإصابة 8 آخرين بجروح، في غارة استهدفت مبنى يقطنه نازحون في بلدة أيطو قضاء زغرتا. وقال مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة إن هذه الحصيلة قابلة للارتفاع، إذ يتم إجراء فحوص DNA لتحديد هوية أشلاء تمّ رفعها من مكان الغارة. وباستهدافه النازحين في أمان نزوحهم، يحاول العدو خلق فتنة بين الأهالي النازحين من العدوان الإسرائيلي على الجنوب والضاحية والبقاع، وأهالي القرى والبلدات التي تستقبلهم في الشمال والمتن والجبل.
وفي إطار مسلسل عدوانه اليومي، شنّ الطيران الحربي المعادي غارتين على بلدة معروب، استهدفتا منزلين، ما أدى إلى سقوط 4 إصابات، اثنتان منها في حال الخطر، كما أغار على بلدات سلعا والشهابية وبيت ليف والحنية وكفرفيلا وبرعشيت والسلطانية وخربة سلم وكفردونين وحانين ورشاف. وفي قناريت (قضاء صيدا) استهدفت 4 غارات مبنى مؤلفاً من 4 طبقات، ما أدى إلى استشهاد وجرح عدد من المواطنين بينهم مسعفون في الهيئة الصحة الإسلامية.
وفي البقاع، استهدفت الغارة المعادية بلدة قليا في البقاع الغربي، دمّرت مبنى القصر البلدي والمستوصف الصحي الخيري، وشنّ العدو أيضاً غارة على منزل في منطقة النبي نون في مشغرة، كما تعرضت بلدة يحمر الشقيف فجراً لعدوان جوي واسع، حيث شنّت الطائرات الحربية المعادية سلسلة غارات جوية استهدفت الحي الشرقي للبلدة ودمّرت 5 منازل فيه. كما نفّذ العدو غارة على قافلة مساعدات حكومية في بلدة العين في البقاع الشمالي.
الصورة : المجزرة التي ارتكبها العدو في بلدة ايطو في زغرتا (نقلا عن الاخبار)