أجرى اللواء عباس إبراهيم مقابلة اليوم الجمعة عبر أثير إذاعة الشرق، وذلك ضمن برنامج "ماغازين" الذي يقدمه الزميل يقظان التقي. تناولت المقابلة مجموعة من المواضيع المرتبطة بالحرب على لبنان، حيث ألقى الضوء على التطورات الراهنة والتحديات التي تواجه البلاد في ظل الظروف الصعبة.
نتنياهو لن يهدي حلا للادارة الاميركية الراحلة
سئل اللواء ابراهيم عن عدم تفاؤله بالمساعي الدبلوماسية القائمة وبالقول أن اسرائيل لن تقبل بأي حل لوقف اطلاق النار بالرغم من تعرض رئيس وزرائها لضغوط تحثه على ذلك، فأشار بأن " رئيس حكومة العدو يعتبر نفسه ناخبًا في الانتخابات الأميركية. وهو كما يظهر يفضل عودة الرئيس الاسبق دونالد ترامب إلى الرئاسة الأميركية، يرى نفسه مؤثرًا في هذه الانتخابات ولا يرغب في تقديم حل للحرب للإدارة الحالية، بل يأمل في قدوم إدارة أميركية جديدة. من هنا، يرفض كافة الضغوط لتحقيق وقف إطلاق النار، مع التأكيد أن هذه الإدارة لم تستغل جميع الأدوات التي تملكها على مدى أكثر من سنة في غزة ولبنان لفرض وقف إطلاق النار على إسرائيل. وما شهدناه من توقف مؤقت بين الحين والآخر تمثّل فقط في تعليق شحنات الأسلحة إلى إسرائيل لفترات قصيرة قبل استئنافها. قد يكون البيت الأبيض غير مزود بأدوات ضغط كافية، إذ نعلم أن الكونغرس يميل بغالبيته لدعم إسرائيل، ولا نرغب في التعمق في هذه التعقيدات الداخلية، ولكن الواضح أن هذه الإدارة ككل لم تمارس ما ينبغي عليها لتحقيق وقف إطلاق النار".
توجهات توسعية علنية لحكومة نتنياهو تصعّب التعامل معها
وعما إذا كان يجب على المعنيين استشراف المسار الذي ستأخذنا اليه الحرب وهو الخراب والدمار والقتل وهل كان من الاجدى بهم البحث عن طرق اخرى في المواجهة وسط هذا المناخ الدولي؟ أجاب اللواء ابراهيم: " لم يترك هذا العدو مجالًا للاستفادة من الوسائل المتاحة في ظل هذه الحكومة اليمينية المتطرفة التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ الكيان، وللأسف، فإن هذه الحكومة تحديدًا لا تفهم سوى لغة القوة؛ والدليل على ذلك هو انقلابها على جميع الاتفاقيات، وتصريحها بعدم إيمانها بقيام دولة فلسطينية. لقد تخلت عن اتفاق أوسلو الذي وقّعته حكومة رابين، وانقلبت على كل ما من شأنه منح الفلسطينيين أي حق من حقوقهم. فكيف يمكن التعامل مع حكومة كهذه؟
القرار 1701
سئل اللواء إبراهيم عن الأحاديث المتعلقة بتطبيق اتفاقيات الهدنة والقرار 1701 وهل كانت اتفاقية الهدنة فرصة لوقف أعمال العنف دون الخوض في مشكلات الترسيم؟ فقال:
"لبنان، منذ اليوم الأول، يصرح على المستوى الرسمي مطالبًا بوقف هذه الحرب. وقد طرح لبنان حلاً موجودًا، وهو الحل الذي يتمثل في القرار 1701. ومنذ صدور هذا القرار في عام 2006 ودخوله حيز التنفيذ، لم تحترمه إسرائيل. تصر إسرائيل الآن على القيام بطلعات جوية فوق لبنان، وهذا يدل على عدم تطبيقها القرار 1701، كما أشار إلى ذلك نتنياهو، الذي يسعى إلى استمرار هذه الطلعات والتدخل العسكري عند الحاجة، وهو بذلك لا يرغب في تطبيق القرار 1701. إذا لم نلتزم بالقانون الدولي كلبنانيين، وكدولة صغيرة، فمن الذي سيحمينا؟ هذا هو السؤال. الموضوع لا يتعلق فقط بهدنة أو بتطبيق القرار 1701 أو أي من القرارات الأخرى. إنما القضية تتعلق بوجود طرفين متحاربين، فهل هذان الطرفان مستعدان للالتزام بالقرار الدولي؟ إسرائيل لا تريد الالتزام".
نزع سلاح حزب الله
سُئل اللواء إبراهيم عن قدرة الجيش اللبناني على التصدي للعدو، فأجاب:
"لا تنقص الجيش القدرة ولا الخبرة، إنما تنقصه الإمكانات. دول العالم جميعها تطالب بنزع سلاح حزب الله، وأنا لا أعارض نزع السلاح، لكن يجب أن يُوفر للجيش كشرط إمكانيات للدفاع عن لبنان في حال أقدم العدو على الاعتداء."
وحين سُئل عما إذا كان مع نزع السلاح، قال اللواء إبراهيم:
"أنا مؤمن بأن حزب الله سيسلم سلاحه إذا كان هناك جيش قادر على الدفاع عن لبنان بإمكانياته الذاتية. ولكن، بالمقارنة مع إيماني بعقيدة الجيش القتالية، هذه الدول التي تنادي بنزع سلاح حزب الله، هل قامت بتسليح الجيش بشكل جدي بما يمكِّنه من مواجهة العدو الإسرائيلي؟ نحن لا نريد الهجوم على أحد، بل نرغب في الدفاع عن أرضنا."
وسأل:""هل هذه الدول العظمى التي تدعو إلى نزع السلاح زودت الجيش بما يحتاجه للدفاع عن لبنان؟ هذه مقولة 'قوة لبنان بضعفه انتهت."
دور الرئيس بري
سُئل اللواء إبراهيم عن سبب حصر الحوارات حول الحرب بالرئيس نبيه بري، بينما يُفترض أن يتحمل القرار الاستراتيجي الطائفة الشيعية ونخبها قاطبة، فأجاب:
"أقول إن الطائفة الشيعية كلها تؤمن بالدولة، ونحن من الطوائف الأكثر إيمانًا بالدولة اللبنانية. لكنني أكرر أنه لا يوجد أحد في الطائفة الشيعية يرغب في أن تكون هي المسؤولة عن الدفاع عن لبنان، تحديدًا إذا كان لدينا جيش قادر على القيام بهذه المهمة."
وعن تعطيل الانتخابات الرئاسية وإلصاق الأمر بالرئيس بري، قال اللواء إبراهيم:
"دولة الرئيس بري حريص جدًا على أن يكون هناك رئيس للجمهورية منذ الأمس قبل اليوم. لكن المقاربة الخارجية في الفترة الأخيرة المتعلقة بموضوع انتخاب رئيس الجمهورية هي مقاربة، مع احترامي، خاطئة. لقد أصبح الرجل متهمًا بأنه يعطل الانتخابات، في حين أن كل ما قاله الرئيس بري هو: تعالوا لنتفاهم حول انتخاب رئيس الجمهورية، وهذا طلب للحوار بين اللبنانيين الذي هو من البديهيات. اتفاق الطائف هو نتيجة حوار بين اللبنانيين وهو الذي أصبح دستورنا."
يجب أن نتواضع جميعنا من اجل الوطن
وسئل عما إذا كان يشعر بالخوف، فأشار قائلاً: "نعم، لدي خوف إذا لم نحسن التعامل مع بعضنا كلبنانيين، وإذا استمرينا في التعامل على أساس رابح وخاسر. لدي مخاوف من أن تظهر شماتة بالطائفة الشيعية بعد الحرب، أو أن يسود استعلاء من هذه الطائفة على الآخرين إذا قُدّر لنا، وإن شاء الله سننتصر. يجب أن نتواضع جميعاً من أجل الوطن".