
كتبت "الجمهورية" التالي : رغم الحضور الأميركي المباشر لتمريره عبر الزيارات المتتالية للموفد الأميركي توم برّاك، لم يؤسس حتى الآن لمساحة التقاء مشتركة عليه، وخصوصاً في ما يتصل بملف سلاح «حزب الله»، وكذلك في ما يتصل بالضمانات التي يطلبها لوقف العدوان الإسرائيلي وعدم تجدده، وإلزام إسرائيل باحترام القرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار والانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة والإفراج عن الأسرى اللبنانيين. حيث انتهت الزيارة الثالثة لبرّاك إلى ترحيل هذا الملف إلى زيارة رابعة له إلى لبنان، تسبق أو تلي الردّ الأميركي – الإسرائيلي، على الردّ الأميركي على جواب لبنان على مشروع الحل الأميركي.
على أنّ اللافت للانتباه في هذا السياق، هو أنّ هذا الملف تأرجح منذ بداية طرحه بين التفاؤل والتشاؤم، وهو ما تبدّى في المواقف التي قاربت المحادثات حوله، وتحدثت تارة عن أجواء إيجابية، وفي المواقف التي صدرت في موازاتها، وتحدثت عن أفق مسدود،.إلّا أنّ مجريات الزيارة الأخيرة وما تمّ طرحه داخل الغرف المغلقة، وفق ما تبلّغت «الجمهورية» من مصادر مشاركة في المحادثات المغلقة مع برّاك «ترفع مستوى التفاؤل في إمكان بلوغ حلّ في القريب العاجل، إنْ لم يطرأ في الطريق ما قد يأخذ الأمور في مجرى آخر، ويجب ألّا نغفل هنا العامل الإسرائيلي الذي يعتمد سياسة التصعيد والاستفزاز بقصد الابتزاز لبلوغ حلّ بحقق مصلحته حصراً».
ووفق معلومات «الجمهورية» من مصادر موثوقة، فإنّ الردّ اللبناني الذي قُدّم إلى برّاك، لم يأتِ باقتراحات جديدة او بتعديلات لمضمون الردّ اللبناني السابق، بل جاء بصياغة مكمّلة، تلحظ التزام لبنان بكل الثوابت والمسلّمات الواردة فيه في ما خصّ وقف العدوان، والالتزام بالقرار 1701 واتفاق وقف اطلاق النار والانسحاب وتحرير الأسرى. وتلحظ أيضاً تصوراً حول آلية حصرية السلاح بيد الدولة، وايضاً لما قد يقوم به لبنان من خطوات وإجراءات لتسهيل بلوغ حلّ تركّز بالدرجة الأولى على الالتزام بالقرار 1701 واتفاق وقف اطلاق النار المعلن في 27 تشرين الثاني من العام الماضي».
وفيما لوحظ انّ اياً من المسؤولين الذين التقاهم برّاك، تجنّبوا الحديث عن إيجابيات، بل يبدو أنّهم اكتفوا بترك الحديث عن تفاؤل وإيجابيات للموفد الأميركي، أبلغ مرجع كبير إلى «الجمهورية» قوله: «من يسمع كلامه يصعب عليه فهم ما يقصده، فتارةً يحكي عن إيجابيات، وتارةً أخرى يرفض تقديم ضمانات، ويصرّح بأنّ واشنطن لا تستطيع ان تلزم إسرائيل بشيء او ترغمها على شيء، وتارةً ثالثة يتحدث عن تفاؤل، وتارةً رابعة يتحدث عن أجواء ممتازة، كما قال بعد لقائه برئيس مجلس النواب نبيه بري، يعني «بيشدّ وبيرخي»، ولكن كلّ هذا لا يغيّر في حقيقة أنّنا نريد حلاً لمصلحة لبنان، وليس حلاً على حساب لبنان يوصف وكأنّه استسلام».
وبحسب المرجع عينه، فإنّ ما نسمعه داخل الغرف المغلقة، غير ما يُقال خارجها. فكل الامور تُبحث بالتفصيل، وبشكل معمّق، والبحث يتمّ بصورة هادئة وجدّية جداً، ودائماً نقول إنّ الامور في خواتيمها، والامور لم تنته بعد، وسنصل في نهايتها إلى نتيجة حتماً، وتبعاً لذلك لا نستطيع أن نتحدث عن إيجابيات مسبقة او عن سلبيات، بل انّ النقاش مستمر، والامور ليست مقفلة، ونحن على موعد جديد في وقت قريب مع ردّ وعد برّاك بإبلاغه الينا، سواء عبر السفارة الأميركية في بيروت او عبر زيارة جديدة له إلى لبنان».
ورداً على سؤال عمّا اذا كان الردّ الذي سُلِّم إلى الموفد الأميركي يلحظ التزاماً بصورة مباشرة او غير مباشرة بسحب سلاح «حزب الله» شمال الليطاني، قال: «لا علم لي بوجود شيء من هذا القبيل. والكل يعلم أنّ منطقة جنوب الليطاني صارت خالية تماماً من سلاح «حزب الله».
لم يقدّم ورقة
إلى ذلك، وخلافاً للجو الذي جرى ترويجه قبل لقاء برّاك بالرئيس بري، بأنّ رئيس المجلس سيقدّم للموفد الأميركي «ورقة حلّ»، استغربت مصادر عين التينة هذا الامر، واكتفت بالقول لـ»الجمهورية»: «الرئيس بري لم يقدّم اي ورقة لا الآن ولا قبل ولا بعد».
وعمّا إذا كان الرئيس بري متفائلاً قالت المصادر: «برّاك وصف اللقاء مع رئيس المجلس بأنّه ممتاز، وبرّاك نفسه عاد وقال إنّه متفائل. ومن هنا نأمل ان يكون لهذا التفاؤل ترجمته».
وفي موازاة تكرار الموفد الأميركي قوله بأنّ الاتفاق (اتفاق وقف إطلاق النار) قد فشل، أكّدت المصادر عينها انّ ما نهدف اليه، ليس الوصول إلى اتفاق جديد، وخصوصاً انّ هناك اتفاقاً موجوداً، المطلوب تنفيذه والالتزام به من قبل اسرائيل».
وكان برّاك، قد زار قبل مغادرته بيروت أمس، البطريرك الماروني بشارة الراعي في بكركي، وقال بعد اللقاء الذي تخللته خلوة مع البطريرك: «زيارتي اليوم تحمل الراحة والأمل، ولا بدّ من التركيز على الحل، فقد حان الوقت ليتخلّى الجميع عن شيء ما والتعاون معاً».
وسُئل عن الإيجابية التي تحدث عنها بالأمس، فقال: «لقد قلت سابقاً انّ المشكلة معقّدة جداً، المشكلة التي بدأت منذ نحو السنتين، أطلقنا منذ أربعة أسابيع مبادرة إيجاد حل لها. هي ليست بحدث آني وانما تتطلّب مساراً محدداً وتستغرق وقتاً. وانا أعتقد انّ الجميع يبذل أقصى ما يمكنه من جهود في هذا السياق، الّا انّ الأمر معقّد بالنسبة للقادة اللبنانيين وبالنسبة للجميع».
اضاف: «آمل أن يستمر الحوار وأن يتواصل تصويب الأمور وتذليل الصعوبات التي أتفهمها. اميركا والرئيس الأميركي مهتمان جداً بنجاح هذا المسار. الجميع يحب اللبنانيين، فلننطلق من هذا الأمر. ولكن لا يمكننا تحديد يوم معين للقول بأنّ المشكلة قد حُلّت. فالمسؤولية ليست آحادية وإنما تقع على عاتق الجميع، وهناك من يحمل حلاً، ولكنه ليس على طاولة الحوار، لذلك يجب مواصلة الحوار معه».
وعن إمكانية عودته إلى بيروت، قال: «طبعاً سأعود إلى بيروت. الجميع يرغبون في مساعدة لبنان، ولكن لا يمكن لأحد أن يفرض على الحكومة اللبنانية ما يجب فعله. القرار في يدها، وإن لم يتوصّل اللبنانيون إلى تثبيت الاستقرار فلن يأتي أحد للمساعدة. هناك مشاكل تمنع التطبيق الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار، ووجهات النظر متعددة في هذا المجال».
وعن دور الرئيس نبيه بري، قال برّاك: «رئيس مجلس النواب نبيه بري يبذل جهوده في حلحلة الامور، لكنه مسار وعلى الحكومة ان تقّرر ما تريده. الاستقرار أساسي وحصرية السلاح نص عليها القانون ويجب تطبيقها، فالمطلوب قرار من الحكومة لحصر السلاح ووقف الاعتداءات، والمطلوب الصبر ليستمر الحوار دون خسائر. الكرة الآن في ملعب الحكومة، فهي التي عليها أن تقرر ما يجب فعله. وليست الولايات المتحدة وحدها من تريد مساعدة لبنان، بل أيضاً دول الخليج ودول الجوار. ولكن، من أجل أن تأتي المساعدة، على اللبنانيين أولاً تحقيق الاستقرار».
الصورة : (نقلا عن الجمهورية)