
كتبت صحيفة "الجمهورية": ظلّت قرارات الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء حول حصرية السلاح، والتي أراحت الجو السياسي والشعبي عموماً، محور تفاعل في عطلة نهاية الاسبوع، استعداداً لما هو منتظر من ردود فعل قد ينقلها الموفدون العرب والدوليون الذين سيزورون لبنان تباعاً. فبعد وصول الموفدة الأميركية مورغان اورتاغوس أمس، يُنتظر أن يصل الموفد السعودي الامير يزيد بن فرحان بعد غد الأربعاء للقاء الرؤساء الثلاثة، على أن يصل قريباً الموفد الفرنسي جان ايف لودريان، وذلك للإطلاع على الواقع اللبنانيِّ من كثب، وخصوصاً بعد ترحيب الحكومة بخطةَ الجيش لحصر السلاح.
وقالت مصادر معنية لـ"الجمهورية"، انّ ما انتهت اليه جلسة مجلس الوزراء الجمعة أوقفت الانحدار الذي كان يمكن البلاد أن تذهب اليه، لو انّ الحكومة أصرّت على مواقفها المتشدّدة في موضوع نزع السلاح، حيث جاءت خطة الجيش الواقعية لتفرض تعاطياً واقعياً مع هذا الملف الحساس، وتضع الامور في نصابها لجهة أولوية التزام إسرائيل وقف النار والتوقف عن اعتداءاتها والانسحاب إلى خلف الحدود تنفيذاً للقرار الدولي 1701.
وأكّدت المصادر، انّ نتائج الجلسة أعادت الموقف الرسمي والوطني إلى تماسكه في اتجاه العمل على وضع استراتيجية الأمن الوطني التي يُعالج من خلالها موضوع السلاح، وتأكيد اولوية وقف الاعتداءات الاسرائيلية، خصوصاً انّ لبنان والمقاومة نفّذا التزاماتهما في منطقة جنوب الليطاني، وبات المطلوب من لجنة الإشراف على وقف اطلاق النار وتنفيذ القرار الدولي 1701، أن تتدخّل لمنع التهديد والعدوان الإسرائيلي، في الوقت الذي سيكون على الحكومة تصعيد جهودها الديبلوماسية في هذا الاتجاه، وتحقيق الانسحاب الإسرائيلي من المناطق المحتلة.
إجتماع الناقورة
وانعقد أمس في رأس النّاقورة اجتماع لجنة الإشراف على تطبيق اتّفاق وقف إطلاق النّار، في حضور الموفدة الأميركيّة مورغان أورتاغوس وقائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركيّ الأميرال براد كوبر. وقد تبلّغ لبنان تغيير رئيس لجنة مراقبة وقف إطلاق النّار الجنرال مايكل ليني، وسيصل الرّئيس الجديد بعد اسبوعين، وهو من قوّات "المارينز"، وهو إجراء روتيني يُتخذ كل ستة أشهر. وأُفيد انّ المجتمعين اتفقوا على تفعيل دور الـmechanism لمراقبة الخروقات والتحرك بعد فترة من البطء.
واُفيد ايضاً أنّ الاجتماع كان جيداً وشهد تأييداً للجيش ودعماً له في كل خطواته، من العمليات التي يقوم بها جنوب الليطاني، إلى تنفيذه خطة حصرية السلاح بيد الدولة مع التركيز على تفعيل عمل لجنة "الميكانيزم".
وكذلك استمع المجتمعون إلى إحاطة قدّمها ممثل الجيش اللبناني في اللجنة، وتضمّنت تصوّراً شاملاً للمرحلة الأولى من الخطة الأمنية ومركزها جنوب الليطاني، وأبرز بنودها نزع السلاح غير الشرعي وانتشار وحداتٍ عسكرية وضبط المعابر ومنع إدخال الأسلحة الى المنطقة ومصادرة الأسلحة التي يُعثرعليها بعد الانتشار.
وبعد الاجتماع جالت اورتاغوس وكوبر في طوافة عسكرية فوق المنطقة الحدودية بين القطاعين الأوسط والغربي، واطلعا على الواقع الميداني فيها ثم عادا إلى بيروت حيث التقيا قائد الجيش العماد رودولف هيكل وبعض الضباط الكبار، واطلعا منهم على فحوى خطة الجيش لحصر السلاح.
كذلك التقى الوفد الأميركي عدداً من ضباط الجيش في نطاق جنوب الليطاني خلال زيارته للمنطقة، حيث اطلع على الإجراءات الميدانية التي ينفّذها لبسط سيطرته على تلك المنطقة وإخلائها من السلاح.
وعُلم انّ الوفد الأميركي أبدى ارتياحه لتدابير الجيش، معتبراً انّها تعكس جدّيته وتعزز الثقة في الدور الذي يؤديه.
ماكرون
في هذه الأثناء، أبلغ وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في اتصال هاتفي إلى نظيره اللبناني يوسف رجي، ترحيب فرنسا بتبنّي الحكومة اللبنانية خطة الجيش لحصرية السلاح بيد الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، وأكّد استعداد فرنسا الوقوف إلى جانب السلطات اللبنانية لتنفيذ التزاماتها ودعم الجيش اللبناني.
وأكّد بارو نية الرئيس إيمانويل ماكرون تنظيم مؤتمرين لدعم القوات المسلحة اللبنانية، ولإعادة الإعمار والإنعاش الاقتصادي عندما تتوافر الظروف الملائمة لذلك.
رسالة سياسية
وفي المواقف أمس، قال وزير العمل محمد حيدر في لقاء مع تكتل نواب بعلبك ـ الهرمل في مكتبهم بمدينة بعلبك، إنّ انسحابه وبقية وزراء الثنائي الشيعي من الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء "لم يكن تعطيلاً لمؤسسات الدولة ولا ضرباً لعمل الحكومة، بل رسالة سياسية واعتراض واضح حفاظاً على المصلحة الوطنية والتوازنات الداخلية"، مؤكّداً أنّ "الحوار يبقى الخيار الأساس للوصول إلى حلول تعزز الاستقرار وتحمي لبنان من الأطماع الإسرائيلية". وأشار حيدر إلى أنّ البيان الصادر عن الحكومة تضمّن نقاطاً يمكن البناء عليها مستقبلاً، واعتبر أنّ "ما يجمع اللبنانيين أكبر بكثير مما يفرّقهم"، وشدّد على أنّ الهدف يبقى "تحصين الاستقرار الداخلي، منع الإعتداءات الإسرائيلية اليومية، وتأمين استراتيجية دفاع وطني تحفظ سيادة لبنان وأمنه".
ومن جهته، رئيس التكتل النائب حسين الحاج حسن اكّد أنّ "الجيش يبقى المؤسسة الوطنية الجامعة التي نحيي تضحياتها"، ومشدّداً على أنّ "المواجهة مع إسرائيل لم تنتهِ، والضغوط الأميركية والعربية لن تغيّر من ثوابتنا الوطنية".
قرية نموذجية
من جهة ثانية، أعلن الجيش الإسرائيلي أمس "أننا أنشأنا موقع تدريب في شمال إسرائيل بمثابة نموذج عن قرى في جنوب لبنان"، لافتاً الى أنّ "الموقع يتيح لقواتنا التدرب وفق مستويات مختلفة بمشاركة فرق مشاة صغيرة وكتائب تكتيكية مدرعة". وذكر أنّه "انتهت في الأسبوع الماضي دورة تدريبية لافتتاح منشأة لبنان في المنشأة الجديدة بهضبة الجولان. وأقيمت الدورة بإشراف المركز الوطني للتدريب البري، وبمشاركة مدرسة الكوماندوز، كتائب الهندسة والمدرعات، مقاتلي الاحتياط من اللواء 551، وسلاح الجو". وأضاف: "المنشأة بُنيت على شكل قرية نموذجية تشبه القرى اللبنانية من حيث التضاريس والمباني، بما في ذلك بيوت من طابق واحد وحتى مبانٍ من 4 طوابق، أنفاق، طرق معقّدة، وأحياء مكتظة".