بقلم
توفيق عسيران
رفيق درب الشهيد
يوم 26 شباط 1975 كان يوما اسودا بالنسبة للبنانيين عموما، وللصيداويين خصوصا، اذ تعرض معروف سعد الى رصاصة قناص محترف. صمد بعدها اسبوعا، ثم اسلم الروح شهيدا عزيزا ومناضلا كبيرا ورجلا لا كالرجال وزعيما مارس الزعامة كأشرف وانصع ما تكون ممارسة الزعامة.
هذه الصفات الكثيرة التي اجتمعت في رجل واحد، يضاف اليها عشقه لعمل الخير والتزامه قضية الفقراء والمظلومين أيا كانوا من انصاره او خصومه تقف وراء بقاء صورته حية في اذهان الصيداويين واذهان اللبنانيين يتوارثونها جيلا بعد جيل.
ما نقوله عن معروف ليس بدافع الوفاء فقط، بل كحقيقه واقعة تستحق منا التقدير الدائم لدوره الكبير الذي قام به ابتداء من وعيه المبكر للخطر الصهيوني على الامة العربية، وقراءته بان قضية فلسطين ليست قضية شعبها فقط، بل قضية تخص كل الامة العربية، بل كل احرار العالم. وترجم مواقفه عملانيا على الارض بمكافحة تهريب البضائع الى الصهاينة ومقاتلتهم في جبال فلسطين، والتعرض لملاحقات جيوش الاحتلال الفرنسية والانكليزية وعملاء الداخل المتواجدين ابدا رهن الطلب للدس والتآمر .
وكلما نكّلت به السلطة وضايقته كلما ارتفعت شعبيته وازداد محبوه وتوسعت قاعدته الشعبية حتى فاز في الانتخابات عام 1957 رغم ان قوى عدة تجمعت ضد ترشيحه وعلى رأسها السلطة في زمن رئاسة شمعون.
في البرلمان كان صوته هادرا ناطقا دائما بالحق لا يُسَاوم. ما يجب ان يقوله يقوله على( رأس السطح) لا يخشى فيه لومة لائم. واكتسب بذلك احتراما شديدا على صعيد المجلس النيابي اللبناني، وعلى صعيد علاقاته الدولية والعربية، خاصة علاقاته التاريخية مع الزعيم جمال عبد الناصر.
اما في بلدية صيدا التي ترأسها لمدة عشر سنوات فكان رئيسا مختلفا، حيث كان يجول على الافران بعد منتصف الليل ليراقب اذا كان ثمة غش من قبلهم بالنسبة للرغيف الذي كان يعتبره الزاد الاول للفقراء .
وكان هو الشرطي البلدي الاول الذي يقمع المخالفات بنفسه بغض النظر عن تبعية المخالف ، المخالفة مخالفة ويجب ان تقمع .
ولأنه كان حريصا على تنمية قدرات الطلاب، ولا سيما الفقراء، فكان من اول انجازاته في البلدية تخصيص طابق كامل من بنائها كمكتبة عامة. وجهزها لتكون صالحة ليقوم الطلاب الذين لا توجد كهرباء في منازلهم باتمام فروضهم ودروسهم في مبنى البلدية .
اليوم بعد 46 سنة تعيش صيدا اسطورة معروف سعد القومية والوطنية والشعبية. وتؤكد حرصها على نهجه في مجالاتها كافة معتبرة ان عروبتها ودورها الوطني هو قدرها، وان مقولة عبد الناصر " لا للصلح لا للتفاوض لا للاعتراف بالكيان الغاصب" سيبقى شعارا الى ان تتحرر فلسطين كل فلسطين، ويعود شعبها الى ارضه واملاكه .
في الذكرى 46 لاستشهادك يا معروف
نجدد لك العهد بان مسيرتك يحفظها الرجال والنساء، وسيدافعون عنها دفاع الابطال تقديرا ووفاء
لتضحياتك العظام .