محمد صالح
يوما بعد يوم تخسر عاصمة الجنوب صيدا المزيد من رصيدها ومن ركائزها الاقتصادية ..وهذه المرة ليس بسبب تداعيات عصفت في المدينة قبل عدة اعوام .. انما بسبب الارتفاع الجنوني للدولار الذي وصل قبل ايام الى 15 الف ليرة لبنانية..فانعكس ذلك على العديد من المؤسسات والمحال التجارية بما فيها بعض المطاعم التي فضلت اغلاق مؤسساتها ومحالها وصرف العاملين فيها .. وذلك من اجل المحافظة على ما تبقى لديها من مخزون احتياطي , ونظرا لعدم القدرة بالنسبة لهم على البيع وفق التسعيرة الحالية للدولار , مما انعكس سلبا على عملية الشراء وادى الى انعدام المشترين والمتبضعين... عدا عن ان الالبسة و"النوفوتية" بشكل عام اصبحت في هذه الايام من "الكماليات"..
يشير "مراقبون الى " انه قبل عدة عقود من الزمن وسّعت مدينة صيدا نطاق اسواقها التجارية على امتداد المدينة وضواحيها القريبة والبعيدة واستقطبت في مؤسساتها اهم "الماركات" التجارية العالمية وبنت "اسواق مقفلة – mall " في اهم النقاط من شوارعها الرئيسية .. وباتت مقصدا لكل زائر سيما من ابناء الجنوب وغيره من مناطق, اضافة الى المغتربين من لبنانيين وفلسطينيين الذين كان يقصدونها لدى زيارتهم لبنان صيفا.. عدا عن وسط المدينة التجاري الذي كان يستقطب الرواد والمشترين والزوار من كل الفئات الاجتماعية من الجنوب وشمالي المدينة وشرقها والمخيمات ..
.. ولكن قبل سنوات وبسبب الازمة الاقتصادية العالمية والحصار الذي ضرب لبنان , اضافة الى الاسباب المتعلقة بتضاؤل عدد العاملين في دول الخليج لاكثر من سبب وسبب والارتدادات السلبية لهذا الامر على لبنان سيما على صيدا, وصولا الى جائحة "كورونا" وما ادت اليه من خسائر وانتهاء بالازمة السياسية الحالية التي ترافقت مع الارتفاع الجنوني لاسعار الدولار .. كل هذه العوامل والمؤشرات مجتمعة رسمت معالم الازمة التي يشهد لبنان تجلياتها حاليا..
ووفقا لما يؤكده "المراقبون" : ان تاثيرات تلك الازمة كان واضحا جدا في عاصمة الجنوب صيدا والتي بدات اولا بهروب اصحاب "الماركات" التجارية العالمية على انواعها, واغلاق مؤسساتهم نهائيا ..هذا الامر شكّل مؤشرا سلبيا عن الازمة الاقتصادية في المدينة حيث تبعها مؤسسات تجارية مصنفة اولى عمدت الى اغلاق ابوابها وهربت هي ايضا .. ثم انتقلت الازمة الى مؤسسات ومحال تجارية كبرى التي اقفلت ابوابها ايضا , وهذا الامر يبدو جليا في "اسواق صيدا المقفلة - mall " التي فقدت معظم تللك المؤسسات والمحال التجارية ,وتكاد تلك "الاسواق" تفرغ من سمتها التجارية .
وحاليا انتقلت الازمة الى وسط صيدا حيث المؤسسات والمحال التجارية التي اغلقت ابوابها نهائيا او مؤقتا ظاهرة للعيان في كل المدينة , واي مراقب يقوم بجولة في اسواق صيدا وحتى في المدينة القديمة يشاهد بأم العين ابواب المؤسسات والمحال المقفلة وتعد بالعشرات ان لم يكن اكثر ..
كل ذلك بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار وتدني قيمة الليرة مع ارتفاع جنوني باسعار المواد الغذائية والاستهلاكية .. والناس بطبيعة الحال تفضل وترغب بإطعام عائلاتها وتامين "القوت" لهم على اي شيء اخر ان استطاعت ذلك.. ولو بالحد الادنى وضمن سلم اولويات تبدا وتنتهي بالضرورات فقط ....
هذه الامور انعكست على المؤسسات والمحال وبعض المطاعم التي فضلت اقفال ابوابها ولصق لافتات تشير الى "الاقفال مؤقت لحين عودة الليرة اللبنانية الى الاستقرار" او"مقفل رغبة في عدم زيادة الاسعار".
من جهته يعتبر رئيس "جمعية تجّار صيدا وضواحيها" السيد علي الشريف "أن هذا الاقفال التي تشهده اسواق صيدا هو نتيجة لما وصلنا اليه من تفلّت بسعر الدولار , الامر الذي احدث إرباكا كبيرا في الأسواق , ووضع من لم يفلس بعد من المؤسسات التجارية على طريق الافلاس" ..متسائلا "على اي سعر يشتري التاجر , وعلى اي سعر يبيع ولمن من الناس.. وكيف يستطيع ان يصمد من تبقى من المحال التي لم تقفل حتى الآن" .. خاتما "ان القطاع التجاري هو اكثر من يتلقى تداعيات هذه الأزمات بين القطاعات"