بدأت تتضِح خطة التقشف التي يتّبعها مصرف لبنان المركزي لخفض الانفاق من الاحتياطي الالزامي قدر المستطاع. وبعد انحسار الدعم بنحو كامل عن المواد الغذائية باستثناء الطحين، واختفاء السلع المدعومة من على رفوف المحلات، واجَه البلد أزمة فقدان الادوية، ولا سيما منها ادوية الامراض المستعصية.
ووفقا لمصادر الجمهورية" فقد نجح المركزي في الحصول على تعهّد تمّ بموجبه خفض لائحة الادوية المطلوب من وزارة الصحة أن تدعمها من مليار و200 مليون دولار سنوياً، الى نحو 400 مليون دولار. لكنّ المفارقة انّ الادوية باتت مفقودة منذ فترة، ما أدى الى رواج "تجارة الشنطة"، حيث يتم جَلب الادوية من تركيا بأسعار مقبولة، مع تسجيل ارباح بالدولار الطازج لهؤلاء التجار الذين يتولون هذه العملية.
في المقابل، ورغم رفع سعر صفيحة البنزين، وتغيير سعر الدعم من 1500 ليرة الى 3900 ليرة، استمرت أزمة الطوابير امام المحطات. وفي المعلومات انّ هذه الأزمة ستستمر من حيث المبدأ، ولو انها ستنفرج لفترة ومن ثم تتأزم، لأنّ المشكلة مرتبطة بالترشيد غير المعلن الذي يمارسه مصرف لبنان لجهة فتح الاعتمادات. وهذا الوضع مرشّح للاستمرار في الاشهر المقلبلة، بما يعني ان لا حل لأزمة الاذلال امام المحطات سوى بنحو جزئي وظرفي.
مقابل هذا المشهد القاتم، برزت أزمة فقدان السيولة بالليرة كأزمة مستجدة تهدّد بزيادة الضغط على المواطنين، خصوصاً بعد إقدام مصارف على خفض سقوف السحوبات، واشتراط أخرى على المؤسسات ان تؤمّن رواتب موظفيها نقداً، بما سيؤدي الى خلق أزمة ستكون معها المؤسسات امام خيارين أحلاهما صعب: إمّا ان تبيع شيكاً بحسم 20 % أو اكثر للحصول في مقابله على السيولة، وإمّا ان تدفع لموظفيها بموجب شيك بما سيضطرّ الموظف الى بيع الشيك وفقدان اكثر من 20 % من قيمته. كما انّ استمرار هذا الوضع قد يؤدي الى رواج تجارة الشيكات، وارتفاع نسبة الحسم فيها بحيث انّ الحصول على السيولة نقداً قد يصبح مُكلفاً اكثر، وترتفع النسبة التي يتقاضاها تجار الشيكات، بما قد يُلحق ظلماً إضافياً بالمواطنين.