كتبت صحيفة " الجمهورية " تقول : على وقع التحضير للجلسة النيابية الانتخابية الرئاسية الـ11 التي تنعقد غداً، ينعقد مجلس الوزراء في جلسة ستكون كهربائية بامتياز على رغم من الاجواء السياسية المكهربة التي تحوط بها نتيجة التوتر العالي السائد على خط «التيار الوطني الحر» الذي سيغيب وزراؤه عن الجلسة بداعي «عدم دستوريتها وميثاقيتها»، وتفضيله المراسيم الجوالة لإقرار سلفة الكهرباء بدفعتها الاولى البالغة 62 مليون دولار من اصل 300 مليون دولار، من دون المرور بمعبرها القانوني والدستوري الذي يقضي باتخاذ قرار بشأنها في مجلس الوزراء ومن ثم إصدارها بمرسوم.
الى الحلقة الثانية من جلسات تحدي الممكن يترأس الرئيس نجيب ميقاتي جلسة لمجلس الوزراء عند العاشرة صباح اليوم ضارباً عصفورين بحجر واحد، فمن جهة اكد انه ممنوع التعدي على صلاحياته بتحديد جدول الاعمال، ومن جهة ثانية كرّس مفهوم الاتفاق لعدم ضرب دستورية الجلسات وميثاقيتها.
وبحسب مصدر حكومي لـ«الجمهورية» فإنّ الجلسة اليوم ستؤكد المؤكّد لجهة الحق الدستوري للحكومة المستقيلة ولو بغياب رئيس الجمهورية ان تعقد جلسات عند الضرورة. متوقعاً ان يرفعها ميقاتي بعد مناقشة ملفّي الكهرباء ولن ينتقل البحث الى البنود الاخرى.
ورأى المصدر نفسه انه اذا كانت الاتفاقية مع العراق لتزويد لبنان زيت الوقود لا إشكال حولها وستمر من دون نقاش واسع، فإنّ سلفة الكهرباء دونها عقبات وتعقيدات خصوصاً ان لا الوزير ولا رئيس مجلس ادارة مؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك سيحضران الجلسة. واضاف المصدر انّ الاشكالية الابرز التي ستناقش في هذه السلفة هي عدم تجاوب المؤسسة بالتعهّد لمصرف لبنان بأنها ستعيد السلفة الى الخزينة بعد الجباية، اي انّ شروط منح السلفة غير متوافرة. كاشفاً انّ القرار سيعود الى مجلس الوزراء بهذا الشأن ولن يُثنيه عن اتخاذ القرار غياب وزير او موظف.
كذلك كشف المصدر ان لا اتفاق حول بند السلفة، وانّ وجهتي نظر متقاربتين بقيتا قيد البحث: الاولى ان يوافق مجلس الوزراء على السلفة لمصلحة الناس خصوصا مَن يأمل في الحصول ولو على ساعتي كهرباء في اليوم، والثانية ان يرفض مجلس الوزراء السلفة في اعتبار انّ هذا المبلغ وفي غياب التعهّد باسترجاعه سيُعتبر مبلغا يتم رَميه في سلة المهملات على غرار السلَف السابقة، ثم ان الناس اعتادت على كهرباء صفر وربما تفضّل عدم حرق مزيد من الدولارات عليها في غياب الحلول الجذرية.
وحول المبالغ الجزائية الطائلة التي يتكبّدها لبنان نتيجة عدم إفراغ البواخر يقول المصدر: «ان هذا الامر نوقِش وتبيّن ان هذه المبالغ لن تتحملها الخزينة، لأن لا اعتماد مستندياً فُتح لها. وبالتالي تم استقدامها من دون اعتمادٍ مُستندي، والدولة لا تتحمل المسؤولية في دفع غرامات التأخير».
وحول مشاركة «حزب الله» وموقف أمينه العام السيد حسن نصرالله من الجلسة قال المصدر: «لا وضوح اكثر من ذلك، فقد قالها السيد نصرالله بالفم الملآن انّ الجلسة دستورية وان الميثاقية متوافرة فيها، والرسائل الثلاث وصلت من السيّد: فإلى قناعاته بدستورية الجلسات اضاف مفهوماً مفاده: يمكن ان تكون حليفي لكنك لا تُملي عليّ توجهاتي وقناعاتي، والرسالة الثالثة انّ «حزب الله» يراعي الهواجس عند الجميع بإعلانه انه لن يشارك الّا للكهرباء على رغم من ان البنود الاخرى ملحّة.
موقف «التيار»
الى ذلك أكدت اوساط وزارية قريبة من «التيار الوطني الحر» انّ جلسة مجلس الوزراء اليوم «غير دستورية»، مشددة على «رفض مخالفة الدستور والتصرف كأنّ الشغور في مركز رئاسة الجمهورية هو امر طبيعي وينبغي التكيّف معه». وأشارت الى «انّ هناك بدائل شرعية عن عقد الجلسة كان يمكن اعتمادها لتفريغ بواخر الفيول من دون تصعيد التوتر السياسي».
ونَبّهت الاوساط الى انّ «شعار الضرورات فضفاض»، لافتة إلى «انّ التحجّج به لتبرير اجتماع مجلس الوزراء غير مُقنع، خصوصاً انه توجَد خيارات أخرى آمنة سياسياً ودستورياً لمعالجة هموم الناس الملحّة». واعتبرت «انّ الرئيس نجيب ميقاتي يكاد يكون مستعداً لدعوة حكومة تصريف الأعمال الى الانعقاد كل أسبوع، اذا تُرك الأمر له».
وكان تكتل «لبنان القوي» قد أعلن بعد اجتماعه الدوري برئاسة النائب جبران باسيل رفضَه «بصورة قاطعة قيام الحكومة البتراء بعقد جلسة غير ميثاقية ولا دستورية لمجلس الوزراء بذريعة تأمين الكهرباء». واعتبر انّ «الحلول الدستورية متوافرة لتسهيل شراء الفيول عن طريق المراسيم الجوالة، فتتأمّن مصالح الناس من دون السماح بارتكاب المخالفات الميثاقية والدستورية التي تعمّق الشرخ وتأخذ البلاد نحو المجهول»، واعتبر انّ «الاستمرار في عقد جلسات لمجلس الوزراء يطرح علامات استفهام حول وجود نية للتطبيع مع الفراغ الرئاسي وعدم السعي الجدي للانتخابات».
بند إضافي
وعشية الجلسة الحكومية، عَمّمت الامانة العامة لرئاسة الحكومة على الوزراء بندا كهربائيا إضافيا على جدول اعمال الجلسة رَفعه من 7 الى 8 بنود، وهو يتعلق بإصدار مشروع مرسوم يرمي «الى تحويل إنشاءات امتياز كهرباء البارد الى مؤسسة كهرباء لبنان».
وفي الوقت الذي فسّر البند الإضافي على أنه من باب المناكفات السياسية والحكومية أوضحت مصادر قريبة من رئيس الحكومة لـ»الجمهورية» ان «إنشاءات امتياز كهرباء البارد» متوقفة عن العمل وموظفيها لا يتقاضون رواتبهم منذ ان توقفت عن الانتاج، وانّ إلحاقهم بمؤسسة كهرباء لبنان يُحييها بما يسمح بدفع رواتب الموظفين والعاملين فيها ويوفّر ما بين 5 او 6 ميغاواط من الانتاج الاضافي لمنطقة عكار، ويزيد ساعات التغذية التي لم تعرفها المنطقة منذ زمن بعيد.
ضمانات ووزراء بدائل
وفي هذه الاجواء استمرّت المناكفات على وَقع تسريبات تتحدث عن مشاركة نهائية لوزير الاقتصاد بعدما أضيف الى جدول الاعمال بند خاص عن القمح ومستلزمات زيادة تمويل الصفقة المقبلة بثمانية ملايين دولار.
كذلك ضمن رئيس الحكومة مُشاركة وزير السياحة وليد نصار، حاصِراً موقفه المعلن بحسب اوساط ميقاتي، كما تسرّبت الى «الجمهورية»، بالبَت بملف الكهرباء متناغماً مع موقف وزيري «حزب الله» على ان يغادر الجلسة بعد البَت بهما، وان تناول البحث ملفات أخرى لم يتأكد انّ بند القمح من هو البنود التي سيوافق عليها وزراء الحزب ونصّار.
ولذلك قالت رواية أخرى اطلعت عليها «الجمهورية» انّ تأمين حضور سلام ونصّار وفق ما خَطّط له ميقاتي ليكونا بديلين من وزيري «حزب الله» بعد انسحابهما من الجلسة لإمرار بند القمح والبنود الأخرى.
والى هذه الترتيبات الحكومية دُعي رئيس مجلس ادارة كهرباء لبنان واعضاء المجلس الى جلسة اليوم الحكومية من دون وجود ما يؤكد حضورهم جميعاً، بعدما طلبوا الاذن المسبق من وزير الطاقة الذي يقاطع الجلسة من دون ان ينالوا بعد الاذن بهذه الخطوة. لكن ما هو اخطر وما لم يتوقعه البعض، ان هناك مصادر مطلعة كشفت لـ«الجمهورية انّ بعضاً من اعضاء مجلس الادارة من غير العونيين سيشاركون في الجلسة نتيجة اصرار فريق رئيس الحكومة تحت طائلة المسؤولية.
ملف الترقيات العسكرية
وعلى هذه الخلفيات لم يَشأ اي من اوساط ميقاتي او غيره تبرير سحب البند الخاص بترقيات ضباط الأجهزة الأمنية والعسكرية ابتداء من 1 كانون الثاني 2023 الجاري حتى امس، وإن نمي الى البعض انّ ذلك جاء بناء على طلب أطراف أخرى حليفة لميقاتي دَفعته الى سحب البند مع أنه لم يكن من بين الشروط المُعلَن عنها من اي طرف، وخصوصاً من «حزب الله».
الجلسة الرئاسي
والى هذه التطورات تنتقل الأضواء غداً الى ساحة النجمة بعدما دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس إلى عقد جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية عند الحادية عشرة قبل الظهر، من دون ان تظهر معالم أي متغيّرات على مستوى السباق القائم بين الاوراق البيض والمرشّح ميشال معوض، بالإضافة الى بعض الاسماء والشعارات المشتتة التي حفلت بها صندوقة الإنتخاب حتى الجلسة العاشرة الاخيرة، بما فيها اسماء بعض الموقوفين في جريمة تفجير المرفأ.
موقف إيراني
وغرّد القائم بأعمال السفارة الايرانية في لبنان حسن خليلي على حسابه عبر «تويتر»، كاتبًا: «أيها السادة جَرّبتمونا في السابق... وسنبقى الى جانبكم. ونحن، وبواخرنا وفيولنا رهن إشارة السادة».
وجاءت هذه التغريدة تعليقاً على قول نصرالله في خطابه: «نحن سادة عند الولي الفقيه وكل يوم تثبت هذه المقولة، أنتم ماذا عند أميركا والسعودية وعند الخارج؟».
المحققون الاوروبيون
من جهة ثانية تابع المحققون الاوروبيون مهمتهم في قصر العدل، فاستمعوا امس لأكثر من ثماني ساعات لكل من رئيس مجلس إدارة بنك الموارد الوزير السابق مروان خير الدين والنائب السابق لحاكم المصرف المركزي أحمد جشي. ومن المقرر أن يستمعوا اليوم الى كل من النائب السابق لحاكم المصرف المركزي رائد شرف الدين، ومدير القطع السابق نعمان ندور.
ونقلت وكالة «رويترز» عن اربعة مصادر مطّلعة انّ «ممثلي ادعاء أوروبيين فحصوا هذا الأسبوع في بيروت وثائق تحويلات مصرفية تتعلق بتحقيقٍ بشأن ما إذا كان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه قد اختلسا أموالا عامة».
وقال مسؤولون قضائيون أوروبيون إنّ «ممثلي ادّعاء من ألمانيا وفرنسا ولوكسمبورغ يشتبهون بأن سلامة وشقيقه رجا اختلسا أكثر من 300 مليون دولار من البنك المركزي بين عامي 2002 و2015».
ووفقاً لمسؤولين أوروبيين ووثائق قضائية فرنسية اطّلعت عليها «رويترز»، يشتبه ممثلو الادعاء الأوروبيون، الذين لم يوجّهوا أي اتهامات رسمية حتى الآن، في أنّ الرجلين استخدما بعض الأموال لشراء أصول عقارية في فرنسا وفي أنحاء أوروبا.
وبحسب المسؤولين الأوروبيين والوثائق القضائية الفرنسية، تمّ تجميد أصول وحسابات بقيمة 130 مليون دولار في كل أنحاء أوروبا فيما يتعلق بالقضية.
وقالت المصادر المطلعة إن «الوثائق التي فحصها ممثلو الادعاء الأوروبيون الذين يزورون بيروت تضَمّنت سجلات مصرفية تضم تحويلات مالية قام بها رجا سلامة عبر مصارف لبنانية».
وذكر مسؤولون أوروبيون أن «هذه ستكون المرة الأولى التي يطّلع فيها ممثلو ادّعاء على تفاصيل التحويل التي يمكن أن تساعد في تَتبّع حركة الأموال». وأضافوا «أنّ ممثلي الادعاء اللبنانيين الذين يُجرون تحقيقاً موازياً لم يكشفوا عن تلك النتائج حتى الآن».
وقال محام فرنسي عن رياض سلامة إن القضية مُسيّسة، وإن موكّله يفصل فصلاً تاماً بين أمواله وأصول مصرف لبنان المركزي.
وذكر المحامي الفرنسي بيير أوليفييه سور لـ«رويترز»: «في ملف القضية الذي أطلعت عليه، لا يوجد مخطط للتدفقات المالية قد يورّط رياض سلامة بنحو مباشر من خلال الخلط بين أصوله وحساباته وأصول المصرف المركزي».
وذكرت المصادر المطلعة أنّ السجلات المصرفية التي قدمتها السلطات اللبنانية يفحصها فريق من ممثلي ادّعاء أوروبيين وصلوا إلى بيروت الأسبوع الماضي، وسيبقون هناك حتى بعد غد الجمعة على الأقل. وأضافت أنّ ممثلي الادعاء بدأوا امس الاول الاثنين أوّل جلسة تحقيق من نحو 12 جلسة مع شهود في بيروت من بينهم موظفون حاليون وسابقون في المصرف المركزي ومصرفيون كبار ومسؤولون ماليون آخرون. وذكرت أنّ الجلسات يقودها قضاة لبنانيون ينقلون أسئلة ممثلي الادعاء الأوروبيين.
وتمكن ممثلو ادّعاء لبنانيون من الاطلاع على الوثائق المصرفية في أيار. وقال مصدران قضائيان لبنانيان ومسؤول أوروبي إنه لم يكن من الممكن الكشف عن البيانات في ذلك الوقت لأنّ رياض سلامة قدّم طلباً برد القاضي الذي يجري التحقيق.
وقال المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات إنّ القاضي استُبعِد من القضية قبل أيام، مما يسمح باستئناف التعاون القضائي مع الأوروبيين. وأضاف أن قاضياً جديداً سيُعيّن قريبا