بقلم
كامل عبد الكريم كزبر
ومرّت السنون وما تزال وقد مضى على رحيلك ثماني عشر عاما وكأنها في مفرداتها الزمنية كالغرابيب السود تغطي سماء لبنان من أقصاه إلى أقصاه، أو كأنها من الفواصل التي ينوب فيها القلب عن العين فتسكت الظواهر وتبكي السرائر.
وإذا كان المرء بعد الموت أحدوثة، وإذا كان الناس يتحدثون عنه فيثنون عليه خيراً أو يقولون فيه غير ذلك، فقد كنت رحمك الله وما زلت حديثاً حسناً لمن وعى، يذكرون فضائلك ومآثرك ويعددون أعمالك وأفعالك وانجازاتك. ولم ينسوا ميزاتك الإنسانية والخلقية وعطاءاتك، وكرمك بغير حساب ولم يتركوا شيئاً يعرفونه عنك إلا ذكروه وفي هذه المناسبة لا يسعني إلا أن أضيف، أن أجمل الوصف فيك هو عجز الوصف عنك!
لقد بكاك الناس، وما زالوا يبكون بحرارة ولوعة لأنك كنت بالنسبة إليهم الأب الرؤوف، الاخ العطوف، الصديق الصدوق، والرفيق الرقيق، الذي يرعاهم ويتحسس أوضاعهم، ويقضي حاجاتهم ويستجيب إلى طلباتهم ومتطلباتهم والقائد الذي سيعوض عليهم ما خسروه في الحرب الاهلية والحروب العبثية، لكنه قدر الله .... فبرحيلك فقدوا الأمل والرجاء والمصير والسند والذخر .... حتى أصبح جلنا خارج حدود الوطن، نعم لقد خسرك الناس وخسرك لبنان وها هو يدفع ثمن بعدك وفقدانك.
سيذكرني قومي إذا جد جدهم
وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
لقد كنت رحمك الله مدرسة في القيم والمبادئ الخيّرة والأعمال المفيدة النافعة.
لقد كنت مفتاحاً للخير وقد جرى الخير على يديك في كل ربوع لبنان إذ كنت دولاباً للحركة الإصلاحية والعمرانية والإنمائية والاقتصادية والعلمية والتربوية والتطورية بالإضافة أنك كنت طبيباً للأمة تداوي أسقامها وتبلسم جراحاتها وتحمل رايتها وحضارتها إلى أنحاء العالم وأنت تردد شعار:
إني وإن حُبيت الخلد فرداً
لما أحببت في الخلد انفرادا
فلا هطلت عليّ ولا بأرضي
سحائب ليس تنتظم البلاد
وخلاصة القول فيك يا شهيد الوطن والأمة أنك كنت في عيوننا النور وفي قلوبنا الخفقات والأمل ومن وجوهنا وشفاهنا البسمات والابتسامات فأصبحت الدمعة في العين واللوعة والحرقة في الفؤاد والحزن الدفين يرتسم على الوجوه والشفاه!
رفيق الحريري ما انسينا وما مننسى......