كتبت "الجمهورية التالي : على رغم من طابع الجمود الذي يلف الاستحقاق الرئاسي بسبب التباينات القائمة حول الخيارات المطروحة في شأنه، الا انّ ما يدور في الكواليس يدل على انه موضوع على نار حامية ويتوقع ان يبدأ العد العكسي لإنجازه بعد عيد الفطر الذي يُصادف 21 و 22 من الجاري، وذلك على وهج التفاهمات الاقليمية التي بدأ الاتفاق السعودي ـ الايراني يرسيها وهي حتماً ستنعكس ايجاباً على لبنان. ولكن عطلة العيد التي بدأ لبنان الدخول في مدارها فيما هو يستقبل عيد الفصح عند الطوائف المسيحية التي تعتمد التقويم الشرقي، لن تمنع من استمرار المشاورات داخلياً ومع العواصم المهتمّة بالملف اللبناني وفيما بينها، تمهيداً لإنجاز التسوية التوافقية لانتخاب رئيس جمهورية جديد والشروع في تكوين آليّات السلطة الجديدة.
قال ديبلوماسي عربي لـ"الجمهورية" انّ "لبنان لن يكون حالة استثنائية خارجة عن التفاهمات والتوافقات الاقليمية، وانّ الملف اللبناني سيوضَع على نار حامية بعد عطلة عيد الفطر ولن يكون هناك، كما يحكى، اتفاق دوحة جديد إنما ستسير الامور في اتجاه إعطاء الاولوية للانتخابات الرئاسية، وهذه الانتخابات الرئاسية تنسحب على التكليف والتأليف الحكوميين في ظل مناخ عام من التوافقات الاقليمية الذي سينعكس على الواقع السياسي في لبنان".
وأكد الديبلوماسي العربي انّ هناك اصراراً لدى الدول المعنية بلبنان بأن يكون الحل للأزمة اللبنانية او المخرج للشغور الرئاسي في لبنان عبر البوابة العربية مع التقدير الكامل للادوار الفرنسية والاميركية وغيرها، ولكن ولادة الحل ستكون من بوابة عربية انطلاقاً من الحرص العربي على الوضعية السياسية اللبنانية وعلى ضرورة ان تكون الرعاية لأي تسوية او لأي اتفاق هي رعاية من طبيعة عربية، وبالتالي لن يكون لبنان حالة منفصلة عن المناخ العام في المنطقة، إنما التأخير الذي شهده هو بسبب النزاعات والارباكات والانقسامات الداخلية اللبنانية، ولكن هذا الملف بدأ البحث في المخارج الجدية له، والمدخل سيكون اننتخابات رئاسية".
وفضّل الديبلوماسي العربي عدم الدخول في تواريخ محددة، ولكنه قال "انّ هناك حرصاً على اعادة الانتظام المؤسساتي الدستوري وفق الهرمية الدستورية: رئيس جمهورية، رئيس حكومة وحكومة قبل انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لكي لا يدخل لبنان بشغور جديد يؤدي الى مزيد من التداعيات والانعكاسات السلبية. وبالتالي، قبل نهاية ولاية الحاكم سيُصار الى تزخيم الحركة الرئاسية في لبنان بعد عيد الفطر. وهذا التزخيم سيكون انطلاقا من الجولة القطرية والخلاصات التي توصّلت اليها بحيث سيُصار الى البحث في الافكار الجدية التي تُفضي الى انتخابات رئاسية يُعاد معها ترتيب البيت اللبناني تباعاً لأنّ الاشكاليات المطروحة لا يمكن حلها دفعة واحدة، ولكن بداية الحلول ستكون من خلال الانتخابات الرئاسية التي ستؤشّر الى طبيعة المرحلة اللبنانية انسجاماً مع التحولات الاقليمية".
وقال الديبلوماسي نفسه: "يخطئ من يعتبر ان الانفراجات التي تشهدها المنطقة ستقف عند الحدود اللبنانية وإنما ستنسحب ايضا على لبنان ومدخلها سيكون انتخابات رئاسية، وهذه الانتخابات لن تتأخر وانّ العد العكسي لها يبدأ بعد عيد الفطر".
الانتخابات البلدية
في غضون ذلك لا يزال مصير الانتخابات البلدية والاختيارية غير محسوم لا إجراء ولا تأجيلاً بعد على رغم تحديد موعدها، لأنّ كل المستلزمات المطلوبة لإجرائها لم تستكمل بعد حتى اليوم.
وأكدت مصادر مطلعة لـ"الجمهورية" ان هناك صعوبات لوجستية كبيرة تحول دون إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية، لافتة إلى انّ تذليل العوائق الموجودة ليس سهلاً في الفترة القصيرة التي تفصل عن موعد هذا الاستحقاق. واشارت إلى أنه، وعلى رغم من انّ اي طرف لم يطلب علناً تأجيل الانتخابات، الا ان الحقيقة هي انّ احداً لا يريد حصولها، ولكن أحداً لا يريد في الوقت نفسه أن يتحمّل مباشرة مسؤولية إرجائها، وبالتالي ينتظر ان تتعثّر من خلال غيره".
وتساءلت الاوساط: حتى لو تأمّنت الأموال كيف ستحصل الانتخابات البلدية والاختيارية وسط النقص الحاد في مستلزماتها من الكادر البشري الى أدق التفاصيل اللوجستية، نتيجة الاضرابات وحالة انعدام الوزن في مؤسسات الدولة؟
لجان مشتركة
ولكن بناء على دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي حصل تواصل بينه وبين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تناوَلَ الانتخابات البلدية، تلتئم اللجان النيابية المشتركة اليوم في ساحة النجمة لاستكمال البحث في عدد من اقتراحات القوانين، من ضمنها اقتراح قانون يتعلق بتمويل الانتخابات البلدية والاختيارية.
وعشيّة الجلسة التقت مصادر وزارية مطلعة واخرى ديبلوماسية على التأكيد، عبر "الجمهورية"، انّ مطالعة وزير الداخلية القاضي بسام مولوي ستفاجىء المجتمعين اليوم بعرضٍ خاص بهذه الانتخابات على المستويات المختلفة المالية والادارية واللوجستية، وتشير في وضوح الى استعدادات الوزارة لإجراء هذه الانتخابات وتوفير مختلف مستلزماتها كاملة ضمن المهل الضرورية.
وكان مولوي والمدير العام للاحوال الشخصية العميد الياس الخوري قد أبلغا الى ميقاتي أمس بحجم التحضيرات التي بلغتها الوزارة وجهوزيتها لإجراء الانتخابات على مختلف المستويات، بما فيها الكلفة المالية المقدرة لإجرائها، وسيكون في استطاعتها تأمين الاموال التي تضمن مشاركة الاداريين والقضاة الذين يشكلون لجان القيد الانتخابية وما تحتاجه العملية الانتخابية من كلفة تأمين الطاقة الكهربائية والتعويضات الخاصة بحاجات الأجهزة الأمنية.
وقالت المصادر انّ الاجواء الدولية ستسمح بتأمين الكلفة المالية للانتخابات التي تضمن المخارج التي تقلّل من أهمية قدرة الحكومة او مجلس النواب على توفير الاموال الضرورية بالشروط والحوافز التي ستؤمّن إجراءها في المواعيد المحدد لها، كما اعلن عنها وزير الداخلية.
مجلس الوزراء
وفي هذه الاجواء الحكومية والادارية قالت مصادر حكومية قريبة من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لـ"الجمهورية" انّ الدوائر المعنية في وزارة المال باشَرت ابتداء من أمس بإعداد الجداول الخاصة بالتعديلات المقترحة على الحوافز والزيادات المطروحة على الرواتب والتقديمات ومصادر التمويل، كما اقترحتها اللجنة الوزارية المكلفة معالجة تداعيات الازمة المالية على سَير المرفق العام التي عقدت آخر اجتماعاتها قبل أيام، وتحديداً في جلستها الخميس الماضي برئاسة ميقاتي في السرايا، لتعود بها اليوم الى اللجنة الوزارية التي دعاها ميقاتي في خطوة مفاجئة تقرّرت عصر أمس الى اجتماع يُعقد عند الحادية عشرة والنصف من قبل ظهر اليوم، ما يؤشّر الى جهوزية وزارة المال لِما هو مطروح من إجراءات.
واضافت المصادر عينها انّ مصير جلسة مجلس الوزراء الحاسمة لتحديد الإضافات المقترحة والبَت بها ستحدد مطلع الاسبوع المقبل او في منتصفه على الاكثر إن اكتملت التحضيرات المالية والادارية التي تسمح بالبَت بها، مُضافة الى التعديلات المقترحة على رواتب القطاع الخاص بما فيها رَفع الحد الادنى للأجور الى تسعة ملايين ليرة، بحسب ما تقرر في اجتماع لجنة المؤشر قبل عشرة ايام تقريباً.
رؤوس كبيرة
على صعيد آخر، توقفت اوساط اقتصادية عند دلالات التحقيق القضائي الذي يتم مع رئيس مجلس إدارة بنك الموارد مروان خير الدين في فرنسا، لافتة إلى انّ هذا التطور ينطوي على أهمية بالغة وما بعده ليس كما قبله. واشارت الاوساط الى انه اذا أفصَح خير الدين عن كل ما يعرفه فإنّ رؤوساً أخرى ستنكشف في ملفات تبييض الأموال وتهريبها والفساد والحصول على امتيازات غير قانونية.
إستعداد لتصعيد
وفيما يخيّم الهدوء الحذر على المنطقة الحدودية بعد القصف الصاروخي للمستعمرات الاسرائيلية الذي حصل الاسبوع الماضي كردّ فعل على اقتحام الاسرائيليين للمسجد الاقصى والتنكيل بالمصلّين واعتقال المئات منهم، أفادت وكالة "سكاي نيوز" أنّ وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس أصدرَ تعليمات للجيش بالاستعداد لتصعيد أمني على الحدود مع لبنان.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قد أكد امس الاول "أننا لن نسمح لحماس بإقامة بنية تحتية إرهابية في جنوب لبنان، لأننا لا نريد معركة واسعة ونعمل كل شيء لمنع حدوثها ولكن إذا وقعت فسنستخدم كلّ قوتنا"، واعتبر أنّ "إسرائيل مستهدفة وتتعرض لهجوم إرهابي".
وأشار في تصريح إلى أنّ "وزير الدفاع يوآف غالانت سيبقى في منصبه رغم خلافاتنا"، وأكد انّ "علينا أن نمنع إيران من امتلاك سلاح نووي"، وذكر أنّ "الولايات المتحدة حليفنا الاستراتيجي الأول ولكن نستطيع أن نقول لها لا".