كتبت صحيفة الجمهورية تقول : عبرت أمس ذكرى 13 نيسان المشؤومة، وسارَع الجميع كالعادة الى تذكّرها متمنين «ان لا تنعاد»، فيما البعض يدفع في مواقفه وتصرفاته وكيدياته والمشاحنات الى ما يمكن ان يتسبب بعودتها على أشلاء وطن متهالك بانهيار على كل المستويات جعلَ اللبنانيين كأنهم غرباء فيه ينتظرون على رصيف عالم متغيّر حتى يلتمسوا المصير. لكن وسط هذه الغربة ثمة مؤشرات الى اقتراب أوان الخروج من المأزق بعد انقضاء عطلة الاعياد المجيدة والسعيدة، حيت ان تداعيات الاتفاق السعودي ـ الايراني آخذة في التوسّع والتفاعل ايجاباً على ساحة المنطقة وقد اقتربت من لبنان، ومن المتوقع ان يعكس اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في جدة اليوم جانباً من هذه التداعيات، فيما تشير التوقعات الى اقتراب موعد زيارة الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي للسعودية تلبية لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والتي ستدشّن الصفحة الجديدة التي فتحت في العلاقات بين البلدين بعد اتفاق بكين على تطبيع العلاقات بينهما.
إختار لبنان العاجز ان يبقى معلّقاً وعالقاً على رصيف الانتظار، فيما تُعيد القوى النافذة في الإقليم ترتيب علاقاتها وأوراقها، كما يحصل بين المملكة العربية السعودية من جهة وايران وسوريا من جهة أخرى، وذلك تدشيناً لمرحلة جديدة من التقارب دخلت فيها المنطقة بعد سنوات من النزاعات المكلفة.
وأبلغت أوساط سياسية الى «الجمهورية» انه، وفي مقابل الدينامية الديبلوماسية التي تسود المنطقة وتكسر الحواجز بين الدول التي كانت تباعد بينها الخصومات، يعاني لبنان قحطاً سياسياً يُترجم عجزاً عن إجراء الانتخابات الرئاسية والبلدية، وذلك في انعكاس لعبثية القوى السياسية التي تمعن في الحفر داخل الهاوية بدل التقاط فرصة التفاهمات الإقليمية.
ولفتت هذه الاوساط الى «ان الواضح هو أنّ الزخم الخارجي المُستجد لا يضع في طليعة الاولويات لبنان الذي يسبقه الملف اليمني والملف السوري في انتظار ان تصبح «الأرض الجرداء» جاهزة في الداخل لتلقّف اي تسوية محتملة.
وانطلاقاً من انّ هذه المرحلة مخصّصة على المستوى اللبناني لتقطيع الوقت ليس إلا، أكدت الاوساط انّ النصاب العددي والميثاقي للجلسة التشريعية التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري مُؤمّن، متوقعة ان يشارك فيها نحو 70 نائباً او أقل بقليل.
موقف قطري
في غضون ذلك، وفي أول موقف قطري يتناول نتائج زيارة وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد الخليفي الاخيرة للبنان، أكد المتحدث الرسمي باسم الوزارة ماجد الأنصاري أنّ قطر ليس لديها مرشّح للرئاسة في لبنان.
وقال: «ليس لدى قطر مرشح مفضّل في لبنان». وشدد على أن زيارة الخليفي للبنان ولقاءاته مع مختلف الأطراف اللبنانية «كانت استكشافية»، مضيفاً أنّ «الموقف القطري يتلخّص في دعم التوصل إلى اتفاق بين اللبنانيين أنفسهم». وأضاف: «من غير المناسب الحديث عن وجود طرف خارجي يكون لديه مرشح مفضل في انتخابات الرئاسة اللبنانية، وما يمكن أن تقدمه قطر والدول العربية في شأن الأزمة اللبنانية هو دعم اللبنانيين للوصول إلى توافق يُخرِج لبنان من أزمته الحالية».
إجتماع جدة
من جهة ثانية، كشف المتحدث القطري عن أنّ اجتماعاً لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ونظرائهم من الأردن ومصر والعراق سيُعقد اليوم في مدينة جدة السعودية، للبحث في الموقف من عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية. وأضاف أنّ هذا الاجتماع التشاوري الذي جاء بناء على دعوة المملكة العربية السعودية، سيُناقش وجهة النظر العربية تجاه عودة سوريا إلى الجامعة العربية، موضحاً أنّ دعوة الأردن ومصر والعراق للمشاركة في الاجتماع جاءت «لأنّ هذه الدول معنية بالأساس في هذه القضية».
وفي الوقت الذي جدّد الأنصاري تأكيد «الموقف القطري الثابت» من النظام السوري، والذي يعتبر أن «الأسباب التي دعت إلى تجميد عضوية سوريا في جامعة الدول العربية لا تزال قائمة»، قال إنه من المُبكر الحديث عن مخرجات لهذا الاجتماع التشاوري.
وذكر أنه سيجري خلاله تبادل وجهات النظر حول تجميد عضوية النظام السوري في الجامعة العربية، وإمكانية عودة سوريا إلى الجامعة العربية، وموقف كل دولة في هذا الشأن، لافتاً إلى أنّ «الموقف من سوريا مرتبط أساساً بتحقيق الإجماع العربي، والتغيير الميداني على الأرض الذي يحقق تطلعات الشعب السوري».
تداعيات الاتفاق
في هذه الاثناء قال الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، خلال كلمة له في فعاليات «منبر القدس»، انّ «تداعيات الاتفاق السعودي ـ الإيراني بدأت تظهر بنحو مُسارع، من خلال مسار الديبلوماسية في المنطقة، ما يساعد على مواجهة التمزّق في أمتنا، ومسار التلاقي والتفاهم سيؤثر سلبًا على الكيان الإسرائيلي».
وقال: «على مستوى المنطقة شهدنا خلال هذا العام فشل مشاريع الارهاب والعدوان وبداية انفتاح دول المنطقة على خيارات التهدئة والحوار والتلاقي والتوافق، وهذا ما عبّر عنه اللقاء الإيراني ـ السعودي في الصين والذي بدأت انعكاساته تظهر». وأضاف: «إنّ الاتجاه هو الى حل المشكلات بين مختلف دول منطقتنا، وهذا المسار سيساعد في سد أبواب الفتن والنزاعات الداخلية الحادة والتمزقات المؤلمة في جسد أمتنا، والتي كان يراهن عليها العدو الصهيوني». واعتبر «انّ انفتاح دول المنطقة سيؤثر سلبًا على مسار التطبيع وعلى المشروع الاسرائيلي الطامح لتشكيل محور اسرائيلي ـ عربي لمواجهة إيران ومحور المقاومة».
تناغم نيابي ـ حكومي
من جهة ثانية، وفي خطوة وصفت بأنها تعبّر عن تناغم مفاجىء بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي يمكن ان تؤدي الى تأجيل موعد الانتخابات البلدية والاختيارية اربعة اشهر او سنة لقاء تمويلها حكومياً، دعا بري الى جلسة تشريعية تعقد الحادية عشرة قبل ظهر يوم الثلاثاء المقبل لمناقشة المشاريع والإقتراحات المدرجة على جدول الأعمال، وأبرزها ما يتصل بالتمديد للمجالس البلدية والاختيارية بعدما ضَمن حضور نواب كتلة «لبنان القوي» و»اللقاء الديموقراطي» بما يؤمّن النصاب القانوني للجلسة بالأكثرية المطلقة.
وفي خطوة مواكِبة دعا ميقاتي الى جلسة لمجلس الوزراء تعقد في السرايا الكبير عند الثالثة والنصف بعد ظهر اليوم نفسه، للبحث في مختلف البنود المتعلقة بالمواضيع الضرورية والمستعجلة والطارئة، لا سيما منها ما يتعلق بتمويل الانتخابات المقبلة والبَت بالترتيبات الجديدة الخاصة لرواتب موظفي القطاع العام والحوافز الخاصة بالنقل والانتقال، والقطاع الخاص لجهة رفع الحد الأدنى للأجور فيه الى تسعة ملايين ليرة.
وأوضح نائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب أنّ الجلسة التشريعية ستكون «لمناقشة موضوع الانتخابات البلدية بامتياز»، موضحًا أنّ «القانون المقترَح عن البلديّات ليس تمديدًا، بل لمصلحة المواطن وتحاشيًا للفراغ». وأكّد «أنّنا لا نريد فراغًا في المجالس البلديّة، وعندما ترى الحكومة الوقت مناسبًا فلتُجرَ الانتخابات البلدية والاختيارية». واشار إلى أنّه «يحقّ لأيّ فريق الاعتراض أو الطّعن وفق القوانين والأطُر الدّستوريّة. لكنّ الجلسة التشريعيّة هي لتشريع الضرورة، وكانت تتمّ سابقًا في ظلّ غياب رئيس للجمهوريّة، ومعظم الكتل الرّافضة لها اليوم، كانت تحضر الجلسات حينها. أمّا إذا كان الموضوع في إطار تسجيل موقف في السياسة، فهو يَتعارض مع المواقف السّابقة».
مواقف
وفي المواقف، شددت كتلة «الوفاء للمقاومة» في اجتماعها الاسبوعي برئاسة النائب محمد رعد على «وجوب تعاون الحكومة مع مجلس النواب من أجل اعتماد الواقعية في مقاربة استحقاق الانتخابات البلدية والاختيارية والتوقّف عند الشكوك الجدية حول الجهوزية المتوافرة لإجرائها في مواعيدها»، معتبرة أنّ «أي إجراء انتخابي قاصِر لا تتوافر معه القدرة التنفيذية لمواكبته، سيتعثّر ويُربك العملية برمّتها، الأمر الذي سيرتدّ سلباً على الصعيد العام العملي السياسي». وأكدت أنّ «الاستحقاق الرئاسي هو استحقاق وطني بامتياز ويجب مقاربته وفق هذا المنظار، وبناء عليه فإنّ التفاهم الوطني هو أقصر الطرق لإنجاز هذا الاستحقاق، أما الرهانات على ما هو غير ذلك فإنها لن تؤدي إلّا إلى إطالة فترة الاستحقاق وإفساح المجال أمام المزيد من التعقيدات التي تُسهم في تأخير العملية وإطالة أمدها».
مواجهة بين مشروعين
ورأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، في حديث إذاعي أمس، أن «الهدف وراء تعطيل الإنتخابات الرئاسية والبلدية هو السيطرة على جميع مفاصل السلطة في لبنان، فلو كان لديهم القدرة على إيصال مرشحهم إلى رئاسة الجمهوريّة لكانت عقدت البارحة جلسة لانتخاب الرئيس قبل اليوم، ولكن بما أنهم لا يمكنهم ذلك، يَعمدون إلى تعطيل هذا الإستحقاق الى حين استِجماع قواهم بطريقة أو بأخرى، الأمر الذي لن يتمكنوا هذه المرة من القيام به». وقال: «لا شك في أنّ المواجهة اليوم وللمرّة الأولى خلال الـ18 سنة الأخيرة، تكون واضحة بهذا الشكل ما بين مشروعين سياسيين وسأسمّيهما بكل وضوح: مشروع قيام دولة في لبنان، وهو الذي تتبنّاه المعارضة في الوقت الراهن. أما المشروع الثاني فهو الإبقاء على الوضع الذي كان قائماً، والذي أصلاً أوصلنا إلى ما وصلنا إليه على كل المستويات، وبالتالي المواجهة في أوجها وهذه المرّة القوى متكافئة».
المقاومة الفعلية
وقال رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، في كلمة له في ذكرى 13 نيسان، انّ «المؤامرة الدولية هي التي تموّل بقاء النازح السوري على ارض لبنان، والمقاومة الفعلية نحن نقوم بها كي لا تتكرر نفس المأساة وتؤدي بنا الى نفس الازمة التي عشناها مع الفلسطينيين والتي يمنعها الاجماع اللبناني الشعبي عن العودة». واضاف: «لا أحد يدعو الى العنف او العنصرية او الاذى، الجميع يدعو الى عودة كريمة وآمنة للنازحين، ولو ترجم الاجماع الشعبي حول هذا الامر بإجماع سياسي لكانت أزمة النزوح حلّت». واعتبر انّ «السلاح غير اللبناني في الماضي جعل أرضنا مُستباحة، وتحوّل بعدها الى الداخل لمحاولة وضع اليد على القرار اللبناني، ورأينا بعدها إرادة لبنانية تطورت حتى صارت هناك مقاومة لديها القدرة والارادة على تحرير الارض، وهذا ما حصل عام 2000 وخلال عدوان 2006، فتحقق الاستقرار والهدوء في الجنوب».
ملف سلامة
وعلى صعيد الملف القضائي لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، طلب النائب العام الاستئنافي في جبل القاضية غادة عون من الهيئة الإتهامية في جبل لبنان استرداد ملف سلامة الذي كانت قد أصدرت بموجبه مذكرة منع السفر، وذلك لاتخاذ قرار تعميم رفع منع السفر عنه لانقضاء مرور الزمن للسماح له بالسفر بُغية التحقيق معه في باريس.
الى ذلك أشار «المرصد الأوروبي للنزاهة» في لبنان الى أنّ القضاء الاوروبي «سيُعاود الاستماع الى وزير المال يوسف الخليل بصفته مديراً سابقاً لدائرة العمليات المالية في مصرف لبنان، وذلك في قضية الاختلاس وتبييض الاموال والتزوير واستعمال المزور والاثراء غير المشروع المتّهم بها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وكان قد تم الاستماع إليه سابقاً في القضية».
وأضاف المرصد: «أثناء تولّي يوسف الخليل مهماته كمدير لإدارة العمليات المالية في مصرف لبنان، كان مسؤولاً عن إدارة إصدارات الدين المحلي (أذون وسندات الخزانة)، فحص طلبات الائتمان من قبل القطاع العام والمؤسسات، مراقبة السيولة والوضع النقدي، متابعة التسهيلات المصرفية الممنوحة للخزينة، تنفيذ قرارات مصرف لبنان لشراء أو بيع أذون الخزانة، الإشراف على حساب مصرف لبنان الذي وردت فيه عمولات سندات الخزينة».