كتبت صحيفة النهار تقول : مع ان التطورات المتلاحقة في المنطقة والمثيرة للانشغالات الدولية والإقليمية في ظل ما ترسمه من معالم متغيرات كبيرة لا تزال تطغى على مجمل الأولويات فان ذلك لم يهمش ما يشهده الواقع الداخلي في لبنان وما سوف يشهده من تداعيات تتصل بترقب انعكاسات هذه التطورات ولا سيما منها الاتفاق السعودي الإيراني على الازمة الرئاسية في لبنان .
ومع الاقتناع بان "دور" لبنان لم يأت بعد في مسار انعكاسات الاتفاق المذكور عليه كساحة نفوذ للفريقين لا بد من تاثرها بتمدد الاتفاق الى بلدان نفوذهما في المنطقة ومن ابرزها لبنان بعد اليمن ، فان الانشغالات المحلية المباشرة تتجه في الساعات المقبلة وتحديدا غدا الثلثاء الى جلستي مجلس النواب ومجلس الوزراء اللتين ستنعقدان تباعا قبل الظهر وبعده الأولى للتمديد للمجالس البلدية والاختيارية والثانية لاقرار زيادات على رواتب ومخصصات الموظفين في القطاع العام .
ولعل التطور اللافت الذي سجل عشية انعقاد الجلستين ولا سيما الجلسة النيابية التشريعية التمديد للمجالس البلدية والاختيارية ، تمثل في حملة متزامنة حادة ونارية شنها كل من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وميتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة على النواب سواء في ما يعود الى التمديد للبلديات او في شأن الازمة الرئاسية الامر الذي شكل علامة فارقة تحمل دلالات معبرة عن موقف الكنيستين المارونية والارثوذكسية من الواقع النيابي القاصر عن تحمل المسؤولية التاريخية في انتشال البلد من ازماته .
هذه الحملة يتوقع ان تترك اثارها وانعكاساتها في الساعات المقبلة لجهة تمتين وتوسيع مواقف الكتل المعارضة والنواب المعارضين للتمديد علما ان "كتلة الجمهورية القوية" التي تتقدم القوى والنواب المعارضين للتمديد ستعقد اجتماعا اليوم في معراب يرجح ان تقرر خلاله عدم الاكتفاء برفض انعقاد الجلسة النيابية التشريعية غدا ولا أيضا تكرار موقفها بوجوب ان تبادر الحكومة الى تأكيد اجراء الانتخابات البلدية وتامين الاعتمادات المالية اللازمة لها بل أيضا اعلان اتجاه الكتلة الى تقديم طعن في أي قانون للتمديد قد يصدره مجلس النواب لدى المجلس الدستوري .
وكان الراعي وجه انتقادات لاذعة الى النواب في هذا الصدد فقال في عظة الاحد امس : " ما القول إذا كان المسؤولون السّياسيّون عندنا يجتهدون في خلق الصعوبات والعقد التي تأتي بالنتائج الوخيمة على المواطنين. لقد "تفانوا بكلّ جهد" في عدم انتخاب رئيس للجمهوريّة وفي تكريس الفراغ في الرّئاسة الأولى، وشلّ المؤسّسات الدّستورية، مجلسَ نواب وحكومةً وإدارات عامّة، منذ ستّة أشهر. فرموا البلاد في الإنهيار الكامل اقتصاديًّا وماليًّا وإنمائيًّا وإجتماعيًّا. ثم عادوا بذات "التّفاني و الجهود" ليمدّدوا للمجالس البلديّة والإختياريّة، - ويا للسّخرية ! – ظنًا منهم انهم بذلك يبرّرون عدم إمكانيّة إنتخاب رئيس للجمهورية.
بدوره المطران عودة في العظة التي القاها خلال ترؤسه القداس الاحتفالي بعيد الفصح في كاتدرائية القديس جاورجيوس قال قرابة سنة مضت على انتخاب أعضاء هذا المجلس النيابي، وشهور مضت على فراغ في سدة الرئاسة أخرج البلد من دائرة الثقة العالمية، وثقة المواطنين، ان "بلدنا بحاجة إلى تجديد، إلى إصلاح حقيقي يطال كافة المجالات. والإصلاح يقتضي وجود قرار سياسي، والقرار مفقود لأن البلد بلا رأس، وبلا حكومة فاعلة. أما المجلس النيابي فقد انقضى ربع ولايته وما زال مشوشا، مشتتا، وبلا قرار.
حتى أبسط واجباته لم ينجزها، وأولها انتخاب رئيس للبلاد. أما دوره في المراقبة والمحاسبة فشبه غائب، وفي التشريع لم يتوصل بعد إلى إقرار القوانين الإصلاحية الضرورية لوقف التدهور وإنهاض البلد"، سائلا "هل الديموقراطية شعارات نتغنى بها ولا نطبقها؟ أليس المجلس النيابي صمام الأمان للبلد؟ أليس من واجبه حماية الدستور وتطبيقه؟ هل يتساءل النواب عما فعلوه خلال السنة المنصرمة؟ هل يدركون المخاطر المحدقة بنا جراء استباحة أرضنا؟ وجراء تضاعف أعداد غير اللبنانيين، التي ستفوق قريبا عدد اللبنانيين؟ هل يحاسبون أنفسهم على عدم القيام بواجبهم وعدم احترام المهل الدستورية وتجاهل الإستحقاقات؟ هل هم مطمئنون إلى عدم انتخاب رئيس؟ وهل يحتاج المجلس إلى أشهر للانتخاب؟ أهذا ما ينص عليه الدستور؟