كتبت "الجمهورية" التالي : بات من المسلّم به داخليًا انّ ملف النازحين السوريين بات جمرًا تحت الرماد، فما استجد حوله في الفترة الاخيرة من باب ترحيل سوريين دخلوا إلى البلد خلسة خلافًا للأصول والقانون، وتلطّوا تحت عنوان النزوح وهم في الأصل مقيمون في الداخل السوري، قد اعاد تظهير الحاجة، لا بل الضرورة الملحّة الى تقييد هذا النزوح بالضوابط المعمول بها في كلّ الدول التي لجأ اليها النازحون السوريون.
قنابل موقوتة
الّا انّ المثير للتساؤل والريبة في آن معًا، محاولة بعض الأطراف سواء في الداخل اللبناني او على المستوى السوري، الإستثمار على هذا الملف، والمشاركة الخبيثة في الحملة على اللبنانيين بشكل عام والتهجّم على الجيش اللبناني، واكثر من ذلك دعوة النازحين إلى تشكيل خلايا لمواجهة اللبنانيين كما ورد على لسان بعض من يسمّون أنفسهم قادة المعارضة السورية. علمًا انّ محاولة الاستثمار هذه، التي أقل ما يُقال فيها انّها في منتهى الخطورة والخبث، تتجاوز التفلّت القائم على كل المستويات تحت عنوان النازحين، وما ينطوي عليه من ارتكابات ومخالفات وتجاوزات كذلك عصابات، تعزز المخاوف من تحوّل اماكن انتشار النازحين الى قنابل موقوتة قابلة للانفجار في اي لحظة وتهدّد الأمن الداخلي، والنسيج اللبناني بتوترات وتعقيدات لا حصر لها.
على انّ ما يلفت الانتباه في هذا السياق، هو الدخول الأممي على خط هذا الملف، ومقاربة ما استُجد حوله بنظرة اتهامية إلى الجانب اللبناني، تضع النازح في موقع المعتدى عليه، وتتجاوز في الوقت ذاته الآثار الكارثية لارتكابات بعض السوريين التي يُشكى منها جميعها في مختلف المناطق اللبنانية، وهذه النظرة الاتهامية تجلّت في البيان الاخير لمنظمة العفو الدولية الذي دعت فيه السلطات اللبنانية الى «وقف عمليات الترحيل غير القانونية للاجئين سوريين، خشية ان يتعرّضوا لتعذيب او اضطهاد من الحكومة السورية عند عودتهم الى بلادهم»، وكذلك في حركة زيارات ممثلي الامم المتحدة في اتجاه السياسيين، او الاجهزة الامنية والأمن العام تحديدًا.
قرارات حكومية
وقد فرض هذا الملف نفسه بندًا عاجلًا وملحًّا على بساط المتابعة الحكومية، حيث اجتمعت اللجنة الوزارية لمتابعة عودة النازحين السوريين إلى بلادهم بأمان، برئاسة رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، وخلصت الى مجموعة قرارات، ابرزها «الطلب الى الاجهزة الأمنية التشدّد في ملاحقة المخالفين ومنع دخول السوريين بالطرق غير الشرعية. والتأكيد على التدابير والإجراءات المتخذة من قبل الجيش والأجهزة الأمنية كافة بحق المخالفين، خاصةً لجهة الداخلين بصورة غير شرعية وغير الحائزين على الوثائق الرسمية والقانونية.
وكذلك الاستمرار في متابعة العودة الطوعية للنازحين السوريين، مع مراعاة ما تفرضه الاتفاقيات والقوانين لناحية المحافظة على حقوق الانسان. والطلب من وزارتي الداخلية والبلديات والشؤون الاجتماعية إجراء المقتضى القانوني لناحية تسجيل ولادات السوريين على الاراضي اللبنانية بالتنسيق مع المفوضية العليا لشؤون النازحين. والطلب من وزارة العمل، وبالتنسيق مع المديرية العامة للامن العام، التشدّد في مراقبة العمالة ضمن القطاعات المسموح بها. والطلب من وزير العدل البحث في امكانية تسليم الموقوفين والمحكومين للدولة السورية بشكل فوري مع مراعاة القوانين والاتفاقيات ذات الصلة وبعد التنسيق بهذا الخصوص مع الدولة السورية».
وكان وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال بسام مولوي قد اعلن من دار الفتوى امس، «انّ من الواجب احترام القانون اللبناني وأن يكون السوريون الموجودون في لبنان، خاضعين للدستور اللبناني، ومن الواجب تنظيم وجودهم فيه»، وقال: «لن نسمح بالتحريض على الجيش اللبناني وعلى الدولة، وعلى النازح السوري أن يلتزم القانون».
وكان ملف النازحين محور تداول بين البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة الراعي ووفد من البرلمانيين الفرنسيين برئاسة رئيس مجموعة الجمهوريين برونو روتايو، الذي اكّد على «وجوب عودة النازحين الى بلادهم، وإلّا فإنّ الحرب ستعود إلى لبنان».
وقال: «لقد علمت اليوم بالتظاهرات التي يود السوريون القيام بها في لبنان والتظاهرات المضادة من قِبل اللبنانيين الذين يريدون ترحيلهم، وهذه شرارة حرب عرفها لبنان في السابق. فلنطفئ الفتيل، وعلى المجتمع الدولي تحمّل مسؤوليته حيال هذا الأمر».