محمد صالح
يعتبر تجدد اطلاق النار في مخيم عين الحلوة واستمراره بشكل عنيف منذ ليل امس وحتى ساعات ظهر اليوم بمثابة اطلاق نار مباشر على كل الجهود اللبنانية والفلسطينية التي بذلت وعلى كل مقررات "هيئة العمل الفلسطيني المشترك" وعلى لجانها وعلى كل المساعي الذي بذلها اكثر من طرف ومرجعية .
كما يشكل تجدد اطلاق النار استهدافا مباشرا لقرار اخلاء المدارس من المسلحين تمهيدا لاصلاحها وترميمها استعدادا لعودة التلامذة اليها.. بحيث نجحت الاطراف التي وقفت وراء هذه الاشتباكات في افشال خطة انتشار القوة الامنية الفلسطينية المشتركة في مدارس الانروا التي يتواجد فيها المسلحون والتي كانت مقررة صباح اليوم .
وبشكل اساسي يعتبر اطلاق النار موجها الى مدينة صيدا اولا واخيرا كونها المتضرر المباشر بكل مستوياتها الاقتصادية والمعيشية والحياتية اليومية .. تضررت في بيوت سكانها واحيائها , في تنقلات اولادها , وحتى مبنى السراي الحكومي "مبنى محافظة لبنان الجنوبي" بما يشكل من رمز للسلطة اللبنانية, لم يسلم من قذائف "هاون" المسلحين .. الذين لم يقيموا اي اعتبار لهذه المدينة , صيدا العاصمة الثالثة في لبنان , وعاصمة الجنوب باهلها وسكانها والوافدين اليها وما تمثل وترمز اليه كونها حاضنة القضية الفلسطينية .
ناهيك عن كل ذلك فإن الفلسطينيين في هذا المخيم هم اصحاب الضرر الاساسي من هذه الاشتبكات الذين نزحوا نساء واطفالا وكهولا تحت جنح عتم الليل, طالبين الامن والامان خارج عين الحلوة , اصحاب القضية الفلسطينية هم الذين تضرروا , حاملين جراحهم وكل معاناتهم وبؤسهم ينقلونها معهم في حلهم وترحالهم هربا من بندقية المسلحين ونيرانهم الضائعة التائهة عن بوصلة فلسطين اللاهثة وراء كل شيء الا عن القضية الام الباحثة عن مشكل جانبي هنا او هناك .
علما ان اثار الاشتباكات السابقة التي اندلعت قبل نحو شهر في المخيم ما زالت واضحة للعيان , والاضرار الجسيمة في البيوت والمحال التجارية لم تجد من يعوض عن اهلها واصحابها خسائرهم المادية حتى اليوم ؟..
وكأن من يطلق النار بهذا الشكل العنيف كائنا" من كان , غير معني باي من الثوابت الفلسطينية الطويلة العريضة , ويعيش في عالمه الخاص مرتبطا ربما ب"أجندات"من هنا وهناك .. بحثا عن مكسب في حي او زاروب او "محور" في مخيم البؤس والحرمان عين الحلوة .
المفتي سوسان
وكانت الاتصالات والمساعي في عاصمة الجنوب صيدا قد تسارعت من اجل وضع حد لجولة العنف الجديدة في مخيم عين الحلوة , حيث أجرى مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان اتصالاً هاتفياً برئيس الحكومة نجيب ميقاتي وضعه خلاله بأجواء الوضع في مدينة صيدا في اعقاب تجدد الاشتباكات التي طالت بقذائفها ورصاصها احياء ومبان سكنية ومرافق عامة في المدينة ، وتمنى عليه العمل بكل الوسائل المتاحة للضغط من أجل وقف هذا النزف الأمني لصيدا من خاصرتها الفلسطينية ، ولأن تتحمل الدولة اللبنانية مسؤوليتها في هذا المجال .
كما أجرى المفتي سوسان جولة مشاورات هاتفية حول الوضع في المخيم وتداعياته على المدينة مع كل من مفتي الجمهورية الشيخ الدكتور عبد اللطيف دريان والنائب الدكتور أسامة سعد والسيدة بهية الحريري ونائب رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية الدكتور بسام حمود .
سعد
من جهته اعتبر الامين العام ل"التنظيم الشعبي الناصري" النائب الدكتور اسامة سعد في حديث لاحدى شاشات التلفزة ان "صيدا لم تعد تحتمل هذه الاوضاع ونطالب الفصائل الفلسطينية كافة والحكومة اللبنانية ان تتحمل مسؤوليتها"..
وتابع سعد ان "صيدا كما الشعب الفلسطيني لم تعد تحتمل والجميع مطالبون بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه سابقاً من مقررات صادرة عن "هيئة العمل الفلسطيني المشترك" باخلاء المدارس من المسلحين وتسليمها الى الاونروا وتوقيف المطلوبين المسؤولين عن جريمة اغتيال اللواء العرموشي ورفاقه وكل الاطراف بلا استثناء كانت متفقة على هذا المسار" .
واشار سعد الى "ان الوضع لم يستقر بعد في مخيم عين الحلوة كما نريد , ولا يزال هناك بعض الطلقات ولكن كل الاطراف اعلنت التزامها بوقف اطلاق النار".
الوضع في المخيم
الى ذلك فان مخيم عين الحلوة يمر الان بهدوء حذر بعد نجاح المساعي والاتصالات اللبنانية والفلسطينية التي جرت على اكثر من صعيد في لجم الاشتباكات والتخفيف من حدتها نوعا ما حيث لا زال هناك تبادل لاطلاق النار من اسلحة رشاشة تتطور احيانا الى اشتباك وان بشكل متقطع يتخللها اطلاق قذائف صاروخية بشكل محدود .
هذه الاشتباكات التي كانت قد اندلعت منذ مساء امس بشكل عنيف مع استخدام كافة انواع الاسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية بما فيها قذائف "الهاون" بين "حركة" فتح" من جهة وما بات يعرف بإٍسم "الشباب المسلم" من جهة ثانية في حي "البركسات" و"الطوارئ" وامتدت الى "حطين" و"الصفصاف" واستمرت طوال الليل , لتعنف عند فجر وصباح هذا اليوم وقد حصدت اكثر من عشرين جريحا جراء اصابتهم بشظايا القذائف توزعوا على مستشفيات مدينة صيدا , كما اصيب عدد من أعضاء "لجنة حطين" اثناء مساعيهم لوقف اطلاق النار .
وقد خلفت هذا الاشتباكات مزيدا من الاضرار المادية واحتراق عدد من المحال والتسبب بموجة نزوح كبيرة من العائلات اللبنانية و الفلسطينية .
الا ان اللافت في هذه الاشتباكات سقوط عدد كبير من القذائف على مدينة صيدا بشكل غير مسبوق بما فيها قذائف "الهاون" حيث توزعت على محيط الجامعه اللبنانية والسراي الحكومي , اضافة الى سقوط قذائف ورصاص طائش في حي الزهور والفيلات وفي الميه ومية وحارة صيدا .. الامر الذي ادى الى شلل تام في المدينة ومحطيها على نطاق واسع.
كما ادت الاشتباكات ورصاص القنص الى قطع الطريق الرئيسي الذي يربط صيدا مع الجنوب لجهة الغازية والحسبة مما حدا بالجيش اللبناني الى اتخاذ اجراءات امنية في اماكن تواجده عند اطراف المخيم .
"الأمن العام"
كما أدى الرصاص الطائش الذي طاول صيدا الى إصابة عنصر في جهاز "الأمن العام" برصاصة في رأسه حيث تم نقله الى المستشفى وخضع لعملية جراحية في الرأس.
وكانت احدى قذائف الاشتباكات سقطت صباحا على سطح مبنى سراي صيدا الحكومي ومكتب تابع ل"الأمن العام" فيها ما تسبب بإلحاق اضرار جسيمة في سطح المبنى وتحطم زجاج أحد مكاتب الأمن العام والواح الطاقة الشمسية في السراي .
العمل الفلسطيني
وكانت "هيئة العمل الفلسطيني المشترك" قد اصدرت بيانا اكدت فيه على ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار وإفساح المجال أمام "الهيئة" لأخذ دورها في تثبيت الأمن والإستقرار ومعالجة تداعيات الاشتباكات في المخيم.
** الفيديو من الاشتباكات صباح اليوم في المخيم .