
محمد صالح
سلام الى فرح .. وروحها ترفرف فوق ثرى الجنوب , سلام لتلك العروس البهية , ودمها الطاهر الذي انغرس في تلك الارض .
سلام الى ربيع .. وربيعه ازهر باكرا ورودا ورياحين برائحة الشهادة المعطرة في دروب الميادين.
سلام الى عصام ..وصوره التي روت حكايات اهل الجنوب منذ الولادة وهو الخيامي على الحدود .
سلام الى حسين .. ذاك الشاب المعجون بالشهامة , من تلك الطينة الطيبة , طينة اهل الجنوب ونخوتهم وغيرتهم .
سلام الى الميادين .
....
عندما انخرطنا في مهنة الصحافة ودخلنا في هذا المعترك وفي هذه المنطقة تحديدا من لبنان صيدا والجنوب , كان العدو الاسرائيلي يقوم باعتداءاته على الجنوب وعلى المخيمات الفلسطينية , وكان القسم الاكبر من عملنا اليومي في النهار والليل نقل وقائع العدوان وحيثياته بكافة التفاصيل بالكلمة والصورة ..
والاعتداء الاسرائيلي على الجسم الصحفي ليس بجديد ولا هو وليد ساعته, ولن يتوقف لا اليوم ولا غدا طالما بقينا وبقي العدو في ارضنا وعلى حدودنا في فلسطين.
...لكن وللعلم فإن القانون الدولي الإنساني يوفر الحماية للإعلاميين ويسهل قيامهم بواجباتهم المهنية وفق اتفاقيات جنيف الصادرة منذ عقود وعقود بعيدة .
وبموجب تلك الاتفاقيات يتمتع الصحفيون والأطقم العاملة معهم بالحماية التي تكفلها مجموعة من قواعد القانون الدولي الإنساني للمدنيين والمنصوص عليها في اتفاقية جنيف والبروتوكولات الملحقة بها , ويحق لهم على وجه الخصوص الحصول على عدد كبير من الضمانات الأساسية المعروفة .
... ومع ذلك فان العدو الاسرائيلي وكالعادة ضرب ويضرب بعرض الحائط كل القوانين والاعراف والمواثيق , وتعرض للاعلاميين بشكل مباشر واغتالهم عمدا رغم معرفته انهم اعلاميون , مراسلون ,صحافيون وخير دليل على ما نقول الشهداء فرح وربيع وعصام بالاضافة الى حسين.
...
بالنسبة لنا هنا في هذه المنطقة صيدا والجنوب , لم نكن يوما على الحياد في الصراع مع العدو الاسرائيلي , ولن نكون , لا نحن مجموع الاعلاميين , ولا من كنا نمثل على الصعيد الشخصي في الصحافة وهي جريدة السفير وما تعنية بالنسبة لها فلسطين والجنوب , وما ترمز اليه المقاومة .
فنحن ابناء هذه الارض , لذا لا يمكن ان نكون على الحياد في معركة بين الحق والباطل , قد نختلف في وجهات النظر حول اية قضية داخلية في لبنان او حول اي بلد عربي , نتناقش ونتحاور حولها .. الا في مسالة الاحتلال الاسرائيلي لارضنا في جنوب لبنان وفلسطين , فنحن هنا كما هناك في فلسطين الحبيبة مع اهل الارض وحقهم في ارضهم وبناء دولتهم وفق ما يشاؤون ويريدون.
وجيلنا قاوم بقلمه , بالصورة , بحبر ريشته وهي من رصاص , وبالصورة وهي تنتشر في اصقاع العالم تحكي عن فظائع العدو وارتكاباته .
لم نكن يوما ناقلين للحدث فقط , اي حدث , بل كنا نرويه وفق روايه اهل الارض , هم اصحاب الحدث , لانهم اصحاب القضية هنا في هذا الجنوب العزيز الغالي ,انها معركة انتماء .
....
مشوارنا نحن كإعلاميين مع هذا العدو بدأ منذ تاريخ اعتداءاته على الجنوب , واستمرينا وهذا دأبنا مع الجيل الذي سبقنا .. وصولا الى اجتياح 1982 وكنا في صميم العمل الصحفي المقاوم بكل اشكاله ويومياته وتفاصيله.. رافقنا المقاومين وكنا جنبا الى جنب , معهم وبينهم وحولهم , كنا ظل رموز المقاومة, لم نفارقهم ابدا .
فاجيال الاعلاميين هنا تتوالى في الميدان , وان تقاعد البعض منا ميدانيا نحن المخضرمين , فهناك كوكبة من الزملاء ما زالت تكمل المشوار ,هم اليوم جيل الميدان , لا يتعبون ,لا يملّون , بينهم وبين الجنوب قضية انتماء , وعشرة عمر وما تعودوا الفراق ولا المغادرة لا من الميدان ولا من كل الميادين .
...
في الختام .. هكذا نحن الاعلاميون هنا في هذه المنطقة , جيل يسلّم الراية الى جيل ....يسقط منا شهداء او جرحى .. ولكن الراية لا تسقط , فسلام الى الشهداء الاحياء , شهداء مكللة رؤوسهم بالغار , سلام الى فرح وربيع وعصام وحسين , سلام الى الزملاء الاعلاميين .
سلام الى الميادين التي حجبوها , وهذا امر طبيعي من الاحتلال لقناة تموضعت وتماهت والتصقت بالمقاومة وبقضية الشعب الفلسطيني وحقه الطبيعي والتاريخي في ارضه .
سلام الى الجنوب الى فلسطين , الى المقاومة ... والسلام عليكم جميعا.
.... الكلمة القيت بإسم اعلاميي صيدا والجنوب في الوقفة التضامنية التي اقيمت في مركز معروف سعد الثقافي في صيدا بتاريخ 6 - 12 -2023 , تكريما للشهداء الاعلاميين فرح عمر وربيع المعماري وعصام العبدالله وحسين عقيل وشجبا لحجب "قناة الميادين".