بقلم
طلال ارقدان
تأتي الذكرى التاسعة والأربعين لاستشهاد القائد الوطني معروف سعد، وفلسطين تعيش مقتلة جديدة حيث يتعرض شعبها الأبي البطل لما يشبه الإبادة الجماعية، ولسياسات الاقتلاع والتهجير العنصري الممنهج ..
فلسطين هذه التي ناصرتها ذات يوم بعيد عام ١٩٣٦ في هبتها الأولى ضد الاستعمار البريطاني الذي عمل على إنشاء كيان صهيوني غاصب فوق أرضها .. قاتلت فيها مع كوكبة من أبناء المدينة .. ثم ناصرتها مجددا عام النكبة ١٩٤٨ بالقتال في معركة المالكية..
فلسطين هذه بغزتها وضفتها تصرخ اليوم وا معتصماه .. في ما أمة العرب تبحث بعضها عن سلام مزعوم مع جلادها .. في ما بعضها الآخر غارق في عجزه وضعفه وخوائه مغلول اليد عن نصرتها والدفاع عنها..
يوم استشهدت، كثيرون قالوا نم قرير العين يا معروف في عليائك، ففلسطين بخير طالما الأمة بخير، وإن تحريرها من النهر إلى البحر صبر ساعة..
خدعوك يا معروف .. فمذاك والأمة تعيش التراجع والتقهقر والانحدار .. سقط المشروع القومي الذي حلمت به، أو يكاد .. محررا مخلصا لفلسطين من براثن مغتصبيها ..
انقسمت الأمة بين باحث خلف سراب سلام ابراهيمي ليس سوى استسلام مقنع، وبين كيانات تعيش الفقر والفاقة والاقتتالات الداخلية، ما جعلها عاجزة عن الانتصار لقضايا الأمة وأولها قضية فلسطين .. فكيف لعينك أن تنام أو تهنأ ..
ولولا وميض مقاومة لا يزال يلتمع من أنفاق غزة وكمائن الضفة وتخوم الجنوب، لاستبدت الظلمة العميمة تملأ أرجاء الأمة النائمة.
أينك يا معروف؟ أين أمثالك من رجالات ملؤوا جنبات الأمة نخوة وعزة ومروءة؟ أين حمية الأبطال تنتصب للدفاع عن شرفها المراق؟
نفتقدك يا معروف .. نفتقد اندفاعك وحماستك وأنت تجمع أبناء صيدا والجنوب كي يلتحقوا معك بركب المدافعين عن فلسطين، عن شرف الأمة المنتهك بالاحتلال والاستيطان .. نفتقد صوتك الجهور يزأر في وجه المستعمر والمحتل والمستغل والمستبد .. نفتقد حلمك في بناء وطن على شاكلة طموحك المتوثب، وطن الآباء والكرامة والكبرياء، وطن العروبة التي لا تستقيم إلا في إطار وحدة عربية كاملة ناجزة من المحيط إلى الخليج ..
في ذكرى استشهادك التاسعة والأربعين نجدد لك القسم .. عهدنا أن نبقى أوفياء لنهجك ومسيرتك .. مصرين أكثر من أي وقت مضى على السير بهدي فكرك الوطني والقومي كي تبعث أمة العرب من جديد، تنتصر لقضاياها، وتنزع عنها ثوب العار اللاحق بها يوم قصرت في الدفاع عن فلسطين، لتعود وترسم أفق مشروعها القومي الذي بغيابه تطاولت عليها مشاريع كثيرة بهدف تغيير وجهها القومي تمهيدا لتقسيمها وتقاسمها في لعبة الأمم.