بقلم
خليل متبولي
من صيدا العزّة والكرامة ... من قلعة صيدا الشامخة الأبيّة ... من صيدا عاصمة الجنوب ..من مساء صيدا المفعم بالمقاومة والانتصار...في الذكرى الثانية والأربعين لانطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، هذه الجبهة التي ولدت من رحم المعاناة والتحدي، لتكون رمزًا للصمود والمقاومة في وجه الاحتلال والعدوان، والتي شكلت منذ بدايتها القوة الحقيقية للشعب اللبناني في مواجهة الظلم والاستبداد، ووقفت شامخة في وجه محاولات طمس الهوية الوطنية وضرب الإرادة الشعبية. في هذا اليوم المجيد، نحيي ذكرى أولئك الذين قدموا أرواحهم فداءً للوطن، وصنعوا تاريخًا مشرفًا من النضال في سبيل حرية لبنان وكرامته...
إن جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية لم تكن مجرد قوة عسكرية، بل كانت فكرة ونهجًا يتجاوز الحدود الجغرافية والطائفية، ويتجسد في وحدة وطنية عميقة.
لقد لعبت الجبهة دورًا محوريًا في تعزيز المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، وكانت صوتًا لكل لبناني حر يرفض الخضوع والإذلال في كل مدينة وقرية لبنانية، كان للجبهة حضورها الفاعل، وفي صيدا بالذات، كانت الجبهة حامية للمدينة وأهلها، وسندًا لكل من قاوم الاحتلال، مجسدةً وحدة النسيج الوطني اللبناني. وقد أكدت أن العمل المقاوم ليس خيارًا بل واجبًا
لقد كانت صيدا، بتاريخها العريق وموقعها الاستراتيجي، جزءاً لا يتجزأ من هذه المقاومة.
صيدا التي صمدت في وجه الاحتلال، كانت مهدًا للكثير من الثوار، وعاصمة للجنوب الذي حمل راية المقاومة دفاعًا عن لبنان وسيادته.
لقد كانت صيدا وستبقى ثابتة على نهج المقاومة، حاضنةً للمقاومين، وملهمة لأجيالها القادمة... ولن ننسى شهداءها، ولن ننسى تضحيات أبناء هذه المدينة التي كانت دائمًا في مقدمة الصفوف.
لا يمكن أن نذكر جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية دون أن نستذكر ارتباطها الوثيق بالقضية الفلسطينية. فمنذ انطلاقتها، أدركت الجبهة أن مصير لبنان وفلسطين متلازمان، وأن تحرير الأرض اللبنانية لا ينفصل عن نضال الشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه المشروعة. اليوم، ونحن نرى ما يعانيه الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، نعي أكثر من أي وقت مضى أن النضال الفلسطيني هو امتداد للنضال اللبناني، وأن المقاومة لا تعرف الحدود.
إن غزة، هذا الجرح النازف في قلب الأمة، تقف اليوم شامخة رغم الحصار والقصف والتدمير، لتعلم العالم أن شعبًا يؤمن بقضيته لا يمكن أن يُهزم. وما يعانيه الشعب الفلسطيني من ظلم وقهر لن يثنيه عن مواصلة كفاحه من أجل العودة والتحرير.
إن هذا الترابط بين الماضي والحاضر يثبت لنا أن المقاومة ليست مرتبطة بزمان أو مكان معينين، بل هي موقف مبدئي يجب أن نحمله في قلوبنا. الاحتلال في فلسطين اليوم ، يحاول فرض إرادته على شعب أعزل، لكنه يواجه أمة تعيش على الأمل وتتمسك بحريتها وكرامتها.
إن التضامن بين شعوبنا هو سلاحنا الأقوى. يجب أن نواصل دعمنا لغزة وكل أرض عربية تواجه الاحتلال، ويجب أن نعمل جاهدين لنقل رسالة أن العمل المقاوم، مهما كانت التحديات، هو الطريق لتحقيق الحرية والكرامة. فلا سلام حقيقي ولا استقرار دون استعادة الحقوق، ودون دحر الاحتلال بكل أشكاله.
في هذه الذكرى، نجدد العهد على أن نبقى أوفياء لدرب الشهداء، وأن نواصل المسيرة حتى تحقيق النصر الكامل. إن دور المقاومة مهما كان شكلها لم ينتهِ، بل يستمر ما دامت هناك حقوق مغتصبة، وأرض محتلة، وقضية عادلة.
اننا اليوم أمام تحديات كبرى، لكن بوحدتنا وصمودنا، سنكون قادرين على مواجهة كل الصعاب، وسنظل دائمًا صوت الحق والحرية في وجه الظلم والاستبداد.
تحية إجلال وإكبار لشهداء جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، ولشهداء فلسطين، ولشهداء المقاومة اليوم الذين لم يتراجعوا يومًا عن درب الحرية.
***كلمة القيت في الاحتفال بذكرى انطلاقة "جبهة المقاومة الوطنيةاللبنانية" في صيدا