
في موازاة انتظار تلقّي لبنان الردّ الأميركي – الإسرائيلي على ردّه على ورقة الحلّ الأميركي التي قدّمها الموفد الأميركي توم برّاك، مشهد داخلي مزدحم بالملفات المتنوّعة؛ في الأمن، وتيرة عالية من التصعيد الإسرائيلي، وقلق من وضع مريب تتابعه الأجهزة الأمنية بعد رصد تسلّلات متتالية عبر الحدود السورية في اتجاه لبنان، المقلق فيها انّ المتسللين من فئات عمرية صغيرة وشابة. وفي السياسة، محطتان بارزتان تتجلّى الأولى الاسبوع المقبل، في جلسة مناقشة عامة للحكومة تضعها على منصة التصويب النيابي، والثانية في طلب رفع الحصانة عن النائب جورج بوشكيان
متى سيصل الردّ؟
على صعيد الردّ الإميركي – الإسرائيلي على الردّ اللبناني، فلا موعد محدداً لإبلاغه إلى لبنان رسمياً، وأكّد ذلك مصدر سياسي رفيع بقوله لـ«الجمهورية» انّه «خلال محادثات برّاك قيل إنّ الردّ سيأتي في غضون ايّام قليلة، ولكن من دون تحديد تاريخ معيّن لذلك».
الّا أنّه أضاف المصدر قائلاً: «على الرغم من صلابة الموقف اللبناني الجامع الذي تضمّنه الردّ على الورقة الأميركية، لا يستطيع أن يقول بأنّ حظوظ التجاوب معه بصورة جزئية او كليّة كبيرة».
الغرب والحزب
وفي سياق متصل، برز تطوّر لافت أمس، عبر إعلان وزارة الخارجية الأميركية في بيان عن اجتماع عقدته «مجموعة تنسيق إنفاذ القانون المخصصة لمكافحة الأنشطة الإرهابية وغير المشروعة لـ«حزب الله»، يومي 9 و10 تموز الجاري، واستعرضت قدرات الحزب على تنفيذ عمليات وهجمات قاتلة حول العالم، رغم الضربات الكبيرة التي تلقّاها خلال العام الماضي». مضيفة: «إنّ المشاركين أجمعوا على أنّ الحزب لا يزال يشكّل تهديداً خطيراً، ويواصل مساعيه للحفاظ على وجوده الخارجي، مع القدرة على شنّ هجمات مفاجئة دون سابق إنذار في مناطق مختلفة من العالم». وقالت: «انّ الحضور، ناقشوا الوضع المالي المتأزم للحزب»، وأشاروا إلى «أنّه قد يسعى إلى توسيع أنشطة جمع الأموال وشراء المعدات في النصف الغربي من الكرة الأرضية وأفريقيا ومناطق أخرى، كما انّ الدول المشاركة استعرضت أبرز الإجراءات التي اتخذتها أخيراً للحدّ من آليات الحزب المالية ومخططاته، إلى جانب عملياته».
جرعة تعيينات
سياسياً، برزت أمس، جرعة تعيينات قضائية ومالية وإعلامية، عبرت ما كان يحوم حولها من تعقيدات، أصدرها مجلس الوزراء في جلسة عقدها برئاسة رئيس الجمهورية جوزاف عون، حيث تقرّر تعيين نواب حاكم مصرف لبنان وهم: وسيم منصوري ومكرم بو نصار وسليم شاهين وغابي شينوزيان. كما تمّ تعيين القاضي ماهر شعيتو مدّعياً عاماً مالياً، ومازن سويد رئيساً للجنة الرقابة على المصارف، ونادر حداد، ربيع نعمة، تانيا الكلاب والين سبيرو أعضاء. وتعيين اليسار نداف جعجع رئيساً لمجلس الإدارة - مديراً عاماً لتلفزيون لبنان، وجنان وجدي ملاط، شارل رزق الله سابا، محمد نمر، علي ابراهيم قاسم، وريما هاني خداج أعضاء مجلس الإدارة. وعيّن ايضاً أعضاء الهيئة الوطنية للمخفيين قسرًا برئاسة القاضي جوزف سماحة وهم: رضا رعد قاضٍ في منصب الشرف وندى الخراط محامٍ من نقابة المحامين في بيروت وزياد أحمد عجاج محامٍ من نقابة المحامين في طرابلس وسامر عبد الله أستاذ جامعيّ وجبرايل بطرس مشعلاني طبيب شرعي وماري رين وأنطوان صفير من الناشطين في حقوق الإنسان وعبير أبو زكي حيدر ونيفين وليد زرقوت من الناشطين في الجمعيات.
عون: لا تطبيع
وكان الرئيس عون قد أكّد خلال استقباله امس، وفد مجلس العلاقات العربية والدولية برئاسة محمد الصقر «انّ القرار بحصرية السلاح قد اتُخذ ولا رجوع عنه»، وشدّد على «انّ قرار الحرب والسلم هو من صلاحيات مجلس الوزراء، وانّ خطاب القَسَم كان نتيجة معاناة اللبنانيين وتطلعاتهم، وهو كُتب كي ينفّذ». وشدّد على «انّ السلام هو حالة اللاحرب. وهذا ما يهمنا في لبنان في الوقت الراهن. اما مسألة التطبيع فهي غير واردة في السياسة اللبنانية الخارجية الراهنة». مشيداً بالدور الذي يلعبه رئيس مجلس النواب نبيه بري في المساهمة في تثبيت الاستقرار ونجاح إعادة بناء الدولة وتحقيق مبدأ حصرية السلاح.
وجهاً لوجه
مجلسياً، دعا الرئيس بري إلى جلسة مناقشة عامة للحكومة الثلاثاء المقبل. وفيما أُثيرت تساؤلات حول مغزى تحديد جلسة تقف فيها الحكومة وجهاً لوجه مع المجلس، وذهبت بعض الأصوات إلى اعتبار انّ الدافع الأساس اليها هو سوء العلاقة بين الرئاستين الثانية والثالثة، وانّ بري حدّدها لجلد الحكومة. وهو ما اعتبرته مصادر قريبة من عين التينة بأنّه «حكي سخيف»، وقالت لـ«الجمهورية»: «اولاً، جلسات المناقشة منصوص عليها في النظام الداخلي للمجلس. وثانياً، بعض النواب، ممن هم ليسوا من ضمن الفريق السياسي للرئيس بري، وممن هم على علاقة وثيقة مع الحكومة ورئيسها، طالبوا بعقد جلسة مناقشة، فاستجاب رئيس المجلس للطلب وحدّد موعدها، لا أكثر ولا أقل».
وفيما أفيد بأنّ رئيس الحكومة نواف سلام كان على علم مسبق بقرار بري تعيين جلسة المناقشة، عبّرت مصادر سياسية عن خشيتها من أن تتحول الجلسة إلى حلبة استعراض ومشاحنات واشتباك حول العناوين والملفات الخلافية، وخصوصاً حول ملف السلاح وقرار الحرب والسلم، والتي قد يتخذها بعض الأطراف باباً لجلد الموقف الرسمي من الورقة الأميركية.
وبمعزل عن ذلك، قال مصدر حكومي لـ«الجمهورية»، انّ «جلسة المناقشة العامة ستكون فرصة للحكومة لكي تصارح اللبنانيين حيال مختلف التطورات، وتحدّد مسار الأولويات الذي تنتهجه، وتقدّم جردة حساب بما قامت به منذ تأليفها. علماً انّ رئيس الحكومة سبق له أن قدّم بداية حزيران الماضي، جردة واسعة بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة، وبالإنجازات التي حققتها. وتجديد تصميمها على تحقيق ما حدّدته في بيانها الوزاري، وتجاوز ما هو ماثل في طريقها من تعقيدات وعراقيل، والمضي في المسار الإصلاحي الذي يؤسس لدولة حديثة، تستعيد ثقة اللبنانيين، والأشقاء العرب، والمجتمع الدولي، وصولاً لتعافي اقتصادي واجتماعي مستدام».
رفع الحصانة
على صعيد طلب رفع الحصانة عن وزير الصناعة السابق النائب جورج بوشكيان المقدّم من وزير العدل عادل نصار والنيابة العامة التمييزية، على خلفية ارتكابات في الوزارة منسوبة للوزير السابق، ترأس رئيس مجلس النواب نبيه بري اجتماعاً مشتركاً لهيئة مكتب مجلس النواب ولجنة الإدارة والعدل في مقر رئاسة المجلس في عين التينة، تمّت خلاله مناقشة الطلب، وخلص النقاش إلى تشكيل لجنة مؤلفة من النواب جورج عدوان ومروان حمادة والان عون، لإعداد تقرير مفصّل حول هذا الأمر خلال فترة اسبوعين، وبناءً على الوقائع المبينة في كتاب وزير العدل والنيابة العامة التمييزية المحال إلى مجلس النواب.
وأشارت مصادر المجتمعين إلى انّ النقاش خلال الاجتماع، اتسمّ بحيادية مطلقة، مع التشديد على أن يأخذ القانون مجراه في الاتجاه الذي يصل إلى تبيان ما إذا كان الامر المطروح يعتريه إهمال او سوء إدارة، أو تثبت الوقائع من جهة ثانية الاتهامات ووجود فساد بما يصل حكماً إلى الإدانة، او يصل إلى براءة في حال ثبت انّ هذه الاتهامات باطلة.
يُشار إلى انّ قرار رفع الحصانة عن النائب، لا يُتخذ بأكثرية الثلثين (86 نائباً) او بالأكثرية المطلقة (65 نائباً) بل يُتخذ بالأكثرية النسبية من عدد النواب الحاضرين القاعة العامة خلال الجلسة، أي النصف زائداً واحداً من عدد النواب الحاضرين.
الصورة : (نقلا عن الجمهورية)