1. الفكرة الجوهرية: 
شارع يروي حكاية مدينة
يمتدّ شارع الشاكرية على طول الواجهة الشرقية للمدينة القديمة، فيلامس من جهة الغرب البحر والقلعة البحرية، ومن الجهة الشرقية السوق التجاري الحديث، جامعًا بين وجهين لصيدا: وجه التاريخ ووجه الحياة اليومية. ومن خلال تحويله إلى ممر حضاري للمشاة، تسعى بلدية صيدا إلى استعادة التوازن بين التراث والحداثة ، بين السكون الجمالي والحياة الاقتصادية، بحيث يصبح المشي فيه تجربة معرفية وثقافية وروحية.
 

2. الشارع كممرّ حضاري
ليس المقصود بالممرّ الحضاري مجرد طريق مرصوف أو مسارٍ عمراني، بل فضاء عبورٍ حضاري يربط بين زمنين وثقافتين:
- من القلعة البحرية إلى القلعة البرية،
- ومن الأسواق القديمة إلى الأسواق الحديثة،
- ومن الذاكرة الحجرية إلى الإبداع الإنساني المعاصر. 

إنه مشروع يفتح للزائر بوابة المدينة القديمة من خلال تجربة حضرية غنية : تفاعل بين العمارة  والحرف والإنسان. وهو في الوقت نفسه رمزٌ للعبور من الفوضى إلى التنظيم، ومن الإهمال إلى الجمال، ومن العزلة إلى التواصل.
 

3. البعد العاطفي والإنساني
الشارع الثقافي ليس مشروعًا عمرانيًا فحسب، بل مساحة لقاء بين الناس وذاكرتهم. فكل زاوية فيه تحمل حكاية:
- القلعتان تحرسان المدخلين البحري والبري.
- خان القشلة ومتحف دبانة  وخان صاصي والحمّام الجديد ومصبنة عودة ومتحف صيدا الوطني تحفظ عبق الحياة اليومية في صيدا العتيقة.
- أما المحالّ والمقاهي الصغيرة فتشكّل ملامح المدينة المعاصرة وهي تستعيد روحها التراثية.

بهذا المعنى، يصبح الشاكرية جسرًا بين الناس والمدينة، بين الجيل الذي يتذكّر والجيل الذي يكتشف.

4. المقاربة العلمية والتخطيطية
تستند الرؤية إلى منهج علمي متكامل يوازن بين الحفاظ على الإرث العمراني والتنمية الاقتصادية والثقافية:
- تصميم عمراني إنساني يحافظ على الطابع التراثي ويضيف عناصر معاصرة من إضاءة ومقاعد ولوحات تعريفية ومساحات خضراء.
- تنظيم الحركة بتحويل الشارع إلى منطقة مخصّصة للمشاة مع فتحه جزئيًا في أوقات محددة لخدمة السكان والتجار.
- ترميم الواجهات وإزالة التشوّهات البصرية وتوحيد المظهر العام.
- إحياء الاقتصاد المحلي عبر تشجيع الحرفيين والمطاعم والمقاهي الثقافية والمحالّ الصغيرة.
- إطلاق المسار الثقافي السياحي الذي يربط المعالم الخمسة الكبرى (القلعتان، الخانات، المتاحف، السوق) في تجربة واحدة متكاملة.

5. الممر كفضاء ثقافي حيّ
الهدف أن يتحوّل الشاكرية إلى ساحة مفتوحة للثقافة والفنّ:
- استضافة نشاطات تراثية على مدار العام.
- إقامة معارض حرفية وفنية في الفضاءات المفتوحة.
- تخصيص زوايا للعروض الحيّة والمواهب الشابة.
وبذلك يتحوّل المشروع إلى منصّة تفاعلية تجمع بين السياحة والثقافة والتنمية المحلية.

6. الرؤية المستقبلية: صيدا تستعيد نبضها
إن “الشارع الثقافي – الممر الحضاري إلى صيدا القديمة” ليس مشروعًا تجميليًا فحسب، بل رؤية لإحياء روح المدينة. هو وعدٌ بأن تبقى صيدا مدينةً تمشي في التاريخ دون أن تتوقف فيه، مدينةٌ تعانق بحرها وتفتح قلبها للناس، مدينةٌ تتجدّد كلّ يوم كما تتجدّد أمواجها.

في الشاكرية، يسير الزائر على خطى التاريخ، لكنّ صدى خطواته هو نبض الحاضر.
 

المهندس محمد دندشلي 
رئيس لجنة الأشغال والتخطيط