
كتبت "الجمهورية" التالي ": السؤال الأساس الذي فرض نفسه في الساعات الأخيرة: ماذا بعد تطعيم لجنة «الميكانيزم» بمدنيِّين؟ فبحسب معلومات موثوقة لـ«الجمهورية»، فإنّ «تطعيم لجنة «الميكانيزم» بمدنيِّين، جاء نتيجة حراك مكثف ومباحثات في الكواليس السياسية والديبلوماسية، وكان لواشنطن فيه الدور الأساس في دفع الأمور في هذا الاتجاه».
وكشف مصدر مطلع لـ«الجمهورية»، بأنّ «هذه الخطوة تكتسي أهمّية بالغة في هذا التوقيت بالذات، كونها تُشكّل من جهة محاولة لقطع الطريق على احتمالات التصعيد الإسرائيلي ضدّ لبنان، التي تصاعدت وتيرتها بشكل مكثف ومخيف في الآونة الأخيرة، وتعكس من جهة ثانية رغبة واشنطن بعدم تدحرج الأمور إلى تصعيد على جبهة لبنان، وبإعطاء فرصة للمسار السياسي».
وأكّد مصدر رسمي لـ«الجمهورية»، أنّ «هذا التطوّر الذي تجلّى بإشراك مدنيِّين في لجنة «الميكانيزم»، يستجيب بصورة واضحة للمبادرة التي أطلقها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، حول التفاوض لوقف العدوان الإسرائيلي وتحقيق انسحاب الجيش الإسرائيلي إلى ما خلف الحدود الدولية وتسلّم الجيش اللبناني كامل منطقة جنوب الليطاني، ويناقض بصورة واضحة أيضاً المطلب الإسرائيلي الذي تكرّر أكثر من مرّة، بتجاوز لجنة «الميكانيزم» والدخول في مفاوضات سياسية مباشرة مع لبنان وعلى مستوى الوزراء، وهو ما رفضه لبنان بشكل قاطع»، مؤكّداً على أنّ «الأولوية هي للالتزام الكامل باتفاق وقف الأعمال العدائية وتنفيذ مندرجات القرار 1701 بالتنسيق والتعاون الكاملَين بين الجيش اللبناني وقوات «اليونيفيل»، وتحقيق الانسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمس وإطلاق الأسرى». ولفت المصدر إلى «أنّ هذه الخطوة، التي تجلّت بإلحاق السفير سيمون كرم بوفد لبنان في لجنة «الميكانيزم»، ليست أحادية الجانب، بل هي مؤيّدة من كلّ مستويات الدولة». مشيرةً إلى معطيات تؤكّد أنّ «حزب الله» لا يعارض هذا المنحى.
وأضاف المصدر: «إنّ لبنان، ومن خلال هذه الخطوة، يُقدّم دليلاً إضافياً على أنّه بكل مستوياته ليس راغباً في التصعيد أو الحرب، بل إنّ أولويّتة هي تأكيد السريان الحقيقي والصارم لاتفاق وقف الأعمال العدائية المعلن في 27 تشرين الثاني من العام الماضي، ووقف العدوان والإنسحاب الإسرائيلي وتمكين الجيش اللبناني من تسلّم كامل منطقة جنوب الليطاني، وذلك خلافاً للتوجّه الحربي الذي تنتهجه إسرائيل باعتداءاتها اليومية على المناطق اللبنانية، التي لا تُخفي سعيها إلى فرض وقائع وقواعد أمنية جديدة في المنطقة الجنوبية المحاذية لخط الحدود الدولية».
واستغرب المصدر ما ذهبت إليه بعض الأصوات من تشكيك بخطوة ضمّ مدنيِّين إلى الوفد اللبناني، وتصويرهم الأمر وكأنّه تنازل من قِبل لبنان وهرولة للدخول في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل، موضّحاً: «لا يوجد أي تنازل من قِبل لبنان، كما لا توجد أي مفاوضات سياسية، بل مفاوضات غير مباشرة. ثم إنّها ليست المرّة الأولى التي تستعين فيها وفود التفاوض بمدنيِّين، بل إنّ مثل هذا الأمر جرى خلال المفاوضات غير المباشرة التي انتهت إلى اتفاق حول ترسيم الحدود البحرية، حين استعين بخبراء مدنيِّين في القانون الدولي وقانون البحار».
يُشار في هذا السياق إلى أنّ لجنة «الميكانيزم» التي يرأسها جنرال أميركي، تضمّ أعضاء عسكريِّين فرنسيِّين ولبنانيِّين وإسرائيليِّين ومن الأمم المتحدة. والمفاوضات التي تجري خلالها تقنية - أمنية غير مباشرة، والمباحثات بين الوفدَين اللبناني والإسرائيلي تجري عبر الأميركيِّين والأمم المتحدة، أي أنّها شبيهة بما هو معتمد في مفاوضات اللجنة العسكرية الثلاثية التي تضمّ لبنان وإسرائيل والأمم المتحدة، التي كانت تنسق بين الجانبَين على المستوى العسكري لفترة طويلة.
الصورة : (نقلا عن الجمهورية)
