شيعت عاصمة الجنوب صيدا المرحوم المهندس رفيق الصلح .. هذه الشخصية التي افتقدتها المدينة اليوم تحمل صفاتا خاصة وعامة قلّما اجتمعت برجل واحد.. لكنها اجتمعت بشخص رفيق الصلح .
رحل "ابو محمد" صاحب الحضور الدائم والظل الخفيف والمحبب من الجميع .. المطلوب لكل جلسات الاصحاب والاصدقاء .
الرحيل المفاجىء شكّل صدمة كبيرة لدى العائلة .. وعند كل من عرفك من الاصدقاء والمحبين ,وكل من تعامل معه على اي مستوى كان ..
"ابو محمد".. عايش وعاصر الكبار الكبار من رجالات لبنان والعالم العربي وافريقيا وآسيا, تنقل خلالها بين بلاد وبلاد , شاهدها وهي في طور النشوء والبناء , دخل عواصمها حاملا معه خبرته الهندسية وانتماءه الى اكبر الشركات في العالم إما لبناء مصنع او للاشراف على ادارة ما هو قائم فيها وتطويره وتحسين انتاجه.
انتسب لأهم الشركات الكبرى في الخليج العربي وفي المملكة العربية السعودية تحديدا وكان دائما في الموقع الهندسي والارشادي والاداري الناصح ..
يا خير "رفيق" يارفيق .. رحلت دون استئذان وحتى بلا كلمة وداع .. وبرحيلك الهادىء اسدلت الستارة على مرحلة وحقبات من الزمن عمرها اكثر من خمسة عقود ونيف , مليئة بالمحطات والمواقف والتجارب الشخصية والعامة السياسية منها والاقتصادية وغيرها .
يا صاحب الذاكرة الحادة الوقادة , ايها الحاضر الدائم .. يا من كنت حاملا بعقلك الرشيد ارشيفا متكاملا ومحفوظات من المعلومات تغني مكتبة بكاملها عن كل تلك الحقبة بتفاصيلها .. بالرغم من تعددها وتنوع اشكالها ومضمونها ومصدرها.. بحلوها ومرها .
لم تخونك ذاكرتك الثاقبة يوما ..كنت تسرد احداثا ومشاهدا" وصورا" عمرها عقود وعقود وكأنها حصلت بالامس .. رحلت وتركت لنا الاثر الطيب والذكرى العطرة يا صاحب الحضور الدمث .
في كل جلسات الاصدقاء في "الفستيفال".. كان حضور رفيق الصلح طاغيا ,مشكلا" عامود الارتكاز في كل جلسة يشارك فيها ويعطي "نكهة" خاصة لن تعوض .. في السياسية وفي الاقتصاد وعالم "الشركات" وادارتها.. كما كان متابعا للصحافة المحلية والعربية والعالمية مطلعا على ما يكتبه العديد من اصحاب المقالات والرأي.
في جلسات "الفستيفال" كان المعارض الدائم لاي طرح لا ينسجم مع قناعاته وتفكيره ورؤيته للامور .. ولا يتوافق مع انتمائه .. جاهز دوما, مدافع ابدا عما يعتبره "الصح" , متصالحا , منسجما مع نفسه .. ولم يغير من تلك القناعات .
هو "رفيق" نفسه في لقاء "الجمعة" في الهلالية , وفي جسلة "الاحد" في دارتنا بمجدليون .
يا صاحب الابتسامة الرقيقة والمزحة الظريفة .. يا من كنت تنقل الرسائل بين الاصدقاء لاجل طرفة او طلبا لإجابه تثير ضحكة او اكثر من ذلك....
رفيق الصلح قبل مغادرتك الى الشاطىء ورحيلك المفاجىء بساعات صبّحتك كالمعتاد ورديت الصباح .. , لم تثر معي اي موضوع "عالق" - على عكس عادتك - بين صديقين من الاصدقاء وانت كنت ثالثهما كما تشتهي .. وفي اتصال جرى بيننا الاحد الفائت ابلغتني وقتها وقلت بأنك لن تتمكن من الحضور .. وبأنك مكتئب اليوم وسوف تلازم المنزل .
يا شيخ الشباب .. يا ركن كل الجلسات.. ايها الصديق الصدوق .. انتهى مشوار العمر وتوقفت الرحلة , غادرتنا بصمت بعد ان كنت تثير الصخب اللطيف المطلوب من الجميع.
رفيق .. ايها القريب الى القلب.. اعاننا الله على غيابك , واعان كل الاصدقاء وكل من عرفك.. واعان الله افراد عائلتك الست "ام محمد" والدكتور محمد ورمزي وليلى والاشقاء والانسباء من آل الزعتري وسواهم..
محمد صالح